ثم احتمل رواحله ونزل باحياء العرب وأغذ السلطان السير إلى البلد فدخلها واستولى على قصورها ولاذ أهل البلد بالبيعة فآتوها واستعمل عليهم من بطانته وانكفأ راجعا إلى تونس وهلك عبد الملك لأيام قلائل بين أجيال العرب وهلك ابنه عبد الرحمن وابن أخيه أحمد الذي كان صاحب طرابلس بعد أبيه ولحق ابنه يحيى وحفيده عبد الوهاب بطرابلس فمنعهم ابن ثابت من النزول ببلده لما كان متمسكا بطاعة السلطان فنزلوا بزنزور من بلاد ذئاب التي بضواحيها وأقاموا هنا لك واستقامت النواحي الشرقية على طاعة السلطان وانتظمت في دعوته والله مالك الملك ثم ذهب يحيى بن عبد الملك إلى المشرق لقضاء فرضه وأقام عبد الوهاب بين أحياء البرانس بالجبال هنا لك وكان الوالي الذي تركه السلطان بقابس قد ساء أثره في أهلها فدس شيعتهم إلى عبد الوهاب بذلك وجاء إلى البلد فبيتها وثاروا بالوالي فقتلوه سنة ثلاث وثمانين وملك عبد الوهاب قابس وجاء أخوه يحيى من المشرق بعد قضاء فرضه فأجلب عليه مرارا يروم ملكها وأوثقه كتافا وبعث به إليه واعتقله بقصر العد وسنين فمكث في السجن أعواما ثم فر من محبسه ولحق بالحامة على مرحلة من قابس مستنجدا ابن وشاح صاحبها فأنجده وما زال يجلب على نواحي قابس إلى أن ملكها وتقبض على عبد الوهاب ابن أخيه مكي فقتله أعوام تسعين وسبعمائة ولم يزل مستبدا ببلده إلى سنة ست وتسعين وكان عمر ابن السلطان أبى العباس قد بعثه أبوه لحصار طرابلس فخربها هؤلاء كما نذكره حتى استقام أهلها على الطاعة وأعطوا الضريبة فأفرج عنها ورجع إلى أبيه فولاه على صفاقس وأعمالها فاستقل بها ثم دخل أهل الحامة في ملك قابس فأجابوه وساروا معه فبيتها ودخلها وقبض على يحيى بن عبد الملك فضرب عنقه وانقرض أمر ابن مكي من قابس ولله الامر من قبل ومن بعد وهو خير الوارثين * (تم طبع الجزء السادس ويليه الجزء السابع أوله الخبر عن زناتة من قبائل البربر) *
(٤٢٤)