وكان ابن يملول قد أوى إلى بلده واتخذ وكرا في جوه وأجلب على توزر مرارا برأيه ومعونته فاحفظ على ذلك السلطان ونبه له عزائمه ثم نهض سنة ست وثمانين يريد الزاب بعد أن جمع الجموع واحتشد الجنود واستألف العرب من بنى سليم فساروا معه وأوعبوا ومر على فحص تبسه ثم خرج من طرف جبل أوراس إلى بلد بهودا من أعمال الزاب واعصوصب الزواودة ومن معهم من قبائل رياح على المدافعة دون بسكرة والزاب غيرة من بنى سليم أن يطرقوا أوطانهم أو يردوا مراعيهم الا بنى سباع من شبل من الزواودة فإنهم تحيزوا إلى السلطان وانتفر ابن مزنى حماة وطنه ورجالة قومه من الأثبج فغصت بسكرة بجموعهم وتواقف الفريقان وأنا لهم السلطان القتال أياما وهو يراسل يعقوب بن علي ويستحثه لما كان يطمعه به من المظاهرة على ابن مزنى ويعقوب يخادعه بانحراف قومه عنه وائتلافهم على ابن مزنى ويرغبه في قبول طاعته ووضع أوزار الحرب مع رياح حتى يتمكن له فرصة حرب فتقبل السلطان نصيحته في ذلك وأغضى لابن مزنى ولرياح عنها وقبل طاعته وضريبته المعلومة وانكفأ راجعا ومر بجبل أوراس ثم إلى قسنطينة فأراح بها ثم ارتحل إلى تونس فوصل إليها منتصف سنة ثمانين اه * (حركة السلطان إلى قابس) * كان السلطان قد فتح مدينة قابس سنة احدى وثمانين وانتظمها في أعماله وشرد عنها بنى مكي فذهب إلى نواحي طرابلس وهلك كبيرهم عبد الملك وعبد الرحمن ابن أخيه أحمد وذهب ابنه يحيى إلى الحج وأقام عبد الوهاب في توزر ثم رجع إلى جبال قابس يحاول على ملكها واستتب له ذلك بوثوب جماعة من أهل البلد بعاملها يوسف بن الابار من صنائع السلطان بقبح إيالته وسوء سيرته فداخلوا جماعة من شيعة ابن مكي في ضواحي قابس وقراها وواعدوهم فجاؤوا لميعادهم وعبد الوهاب معهم واقتحموا باب البلد وقتلوا البواب وقصدوا ابن الابار فقتلوه في مسكنه سنة ثنتين وثمانين وملك عبد الوهاب البلد واستقل بها كما كان سلفه وجاء أخوه يحيى من المشرق فأجلب عليه مرارا يروم ملك البلد منه فلم يتهيأ له ذلك ونزل على صاحب الحامة وأقام عنده يحاول أمر البلد منها فبعث عبد الوهاب إلى صاحب الحامة وبذل له المال على أن يمكنه منه فبعث به إليه فاعتقله بعض العروسيين وأقام يراوغ السلطان على الطاعة ويبذل ماله في أعراب الضاحية من ذئاب وغيرهم للمدافعة عنه ومنع الضريبة التي كانوا يؤدونها للسلطان أيام طاعتهم والسلطان مشغول عنهم بهمه فلما فرغ من شواغله بإفريقية والزاب نهض إليه سنة تسع وثمانين بعد أن اعترض عساكره واستألف من العرب
(٣٩٧)