إفريقية وقد نهض المولى أبو اسحق بمن معه من العرب للقائه وانتهوا إلى حصن سبتة ثم تمشت رجالات بنى مرين وائتمروا في الرجوع عنه حذرا أن يصيبهم بإفريقية ما أصابهم من قبل فانفضوا متسللين إلى المغرب ولما خف المعسكر من أهله أقصر عن القدوم إلى إفريقية فرجع إلى المغرب بمن بقي معه واتبع العرب آثاره وبلغ الخبر إلى أبي محمد بن تافراكين بمكان منجاته من المهدية فسار إلى تونس ولما أطال عليها ثار أهل البلد بمن كان عندهم من عسكر بنى مرين وعمالهم فنجوا إلى الأسطول ودخل أبو محمد ابن تافراكين إلى الحضرة وأعاد ما طمس من الدولة ولحق به السلطان أبو اسحق بعد أن تقدم الأمير أبو زيد في عسكر الجنود والعرب لاتباع آثار بنى مرين ومنازلة قسنطينة فاتبعهم إلى تخوم عملهم ورجع أبو زيد إلى قسنطينة وقاتلها أياما فامتنعت عليه فانكفأ راجعا إلى الحضرة ولم يزل مقيما بها إلى أن هلك عفا الله عنه وعنا آمين سنة وكان أخوه يحيى بن زكريا قد لحق بتونس من قبل صريخا كما قلناه فلما بلغهم أن قسنطينة قد أحيط بها تمسكوا به فلحق به الفل من مواليهم وصنائعهم فكانوا معه إلى أن يسر الله أسباب الخير والسعادة للمسلمين وأعاد السلطان أبا العباس إلى الامر من بعد مهلك أبى عنان كما يذكر ومر إيالته على الخلع فطلع على الرعايا بالعدل والأمان وشمول العافية والاحسان وكف أيدي العدوان ورفع الناس والدولة في ظل ظليل ومرعى جميل كما نذكر ان شاء الله {الخبر عن انتقاض الأمير أبى يحيى زكريا بالمهدية ودخوله في دولة أبى عنان ثم نزوله عنها إلى الطاعة وتصاريف ذلك} كان الحاجب أبو محمد عند رجوعه إلى الحضرة صرف عنايته إلى تحصين المهدية يعدها للدولة وزرا من حادث ما يتوقعه من المغرب وأهله فشيد من أسوارها وشحن بالأقوات والأسلحة مخازنها وكان أحمد بن خلف من أوليائه وذويه مستبدا عليه فأقام على ذلك حولا أو بعضه ثم ضجر الأمير أبو يحيى زكريا من الاستبداد عليه واستنكف من حجره في سلطانه فوثب به أحمد بن خلف فقتله وبعث عن أبي العباس أحمد بن مكي صاحب جربة وقابس ليقيم له رسم الحجابة لما كان مناويا لابي محمد بن تافراكين كافله فوصل إليه وطيروا بالخبر إلى السلطان أبى عنان صاحب المغرب وبعثوا إليه ببيعتهم واستحثوه لصريخهم واضطراب أمرهم وسرح أبو محمد ابن تافراكين إليها العسكر فأجفلوا أمامه ولحق المولى أبو يحيى زكريا بقابس وولى عليها أبو محمد بن تافراكين محمد بن الحكجاك من قرابة ابن ثابت اصطنعه عندما وقعت الحادثة على طرابلس ولحق به فاستعمله على المهدية ولما وصل الخبر إلى أبي عنان بشأن
(٣٧٢)