ابن أبي يزيد وتسلل عنه الناس فلاذ بالاختفاء وخرج القائد من القصبة فتقبض على كثير من أهل الثورة وأودعهم السجن واستولى على البلد وسكن الهيعة وطار الخبر إلى المولى أبى بكر فأغذ السير منقلبا إلى قفصة ولحين دخوله ضرب أعناق المعتقلين من أهل الثورة وأمر الهاتف ينادى في الناس بالبراءة من ابن أبي يزيد وأخيه ولأيام من دخوله عثر بهما الحرس في مقاعدهم بالباب مستترين بزي النساء فتقبضوا عليهما وتلوهما إلى الأمير فضرب أعناقهما وصلبهما في جذوع النخل وكانا من المترفين فأصبحا مثلا في الأيام وقد خسرا دينهما ودنياهما ذلك هو الخسران المبين وارتاب المنتصر صاحب توزر حينئذ بابن الخلف وحذر مغبة حاله فقتله بمحبسه وذهب في غير سبيل مرحمة وانتظم السلطان أمصار الجريد كلها في طاعته واتصل ظهوره إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن فتح قابس وانتظامها في ملكة السلطان) * هذه البلد لم تزل في هذه الدولة الحفصية لبنى مكي المشهور ذكره في هذه العصور وما إليها وسيأتي ذكر أخبارهم ونسبهم وأوليتهم في فصل نفرده لهم فيما بعد وكان أصل رياستهم فيها اتصالهم بخدمة الأمير أبى زكريا لأول أيام ولاية قابس سنة ثلاث وعشرين وستمائة فاختصوا به وداخلهم في الانتقاض على أخينا أبى محمد عبد الله عندما استجمع لذلك فأجابوه وتابعوه فرعى لهم هذه الوسائل عندما استبد بإفريقية وأفردهم برياسة الشورى في بلدهم ثم سموا إلى الاستبداد عندما فشل الدولة عن العاصية بما حدث من أفتن وانفراد الثغور الغربية بالملك ولم يزالوا جانحين إلى هذا الاستبداد ورامقين إليه بنظر العين والانتقاض على السلطان ومداخلة الثوار والاجلاب بهم على الحضرة والدولة أثناء ذلك في شغل عنهم وعن سواهم من أهل الجريد منذ أحقاب متطاولة بما كان من انقسام الدولة والحاح صاحب الثغور الغربية على مطالبة الحضرة ثم استبد مولانا السلطان أبو بكر بالدعوة الحفصية في سائر عمالات إفريقية وشغله عن شاغل الفتنة مع صاحب تلمسان ومنازلتهم ثغر بجاية وتسريبه جيوش بنى عبد الواد مرة بعد أخرى مع الأعياص من بنى أبى حفص والعرب إلى إفريقية وكان المتولي الرياسة بقابس يومئذ عبد الملك بن مكي بن أحمد بن عبد الملك ورديفه فيها أخوه أحمد وكانا يداخلان أبا تاشفين صاحب تلمسان في الاجلاب على الحضرة مع جيوشه والثوار القادمين معهم وربما خالفوا السلطان إلى الحضرة أزمان مغيبه عنها كما وقع لهم مع عبد الواحد بن اللحياني وقد مر ذكر ذلك فلما استولى السلطان أبو الحسن على تلمسان وانمحى أثر بنى زيان فزع السلطان أبو بكر لهؤلاء الثوار الرؤساء
(٣٩٠)