من مشيختها كما سنذكر ذلك كله إلى أن وقع بين قبائل غمارة ورؤسائهم فتن وحروب ونزعت احدى الطائفتين إلى طاعة السلطان بالمغرب من بنى مرين فأتوها طواعية وأدخل الآخرون في الطاعة ملأهم طوعا أو كرها فملك بنو مرين أمرهم واستعملوا عليهم وتخطوا إلى سبتة من ورائهم فملكوا امر العزفيين سنة سبع وعشرين وسبعمائة على ما نذكره بعد عند ذكر دولتهم وهم الآن على أحسن أحوالهم من الاعتزاز والكثرة يؤتون طاعتهم وجبايتهم عند استقلال الدولة ويمرضون فيها عند التياثها بفشل واشتغال بمحاربها فتجهز البعوث إليهم من الحضرة حتى يستقيموا على الطاعة ولهم بوعورة جبالهم عز ومنعة وجوار لمن لحق بهم من أعياص الملك ومستأمني الخوارج إلى هذا العهد ولبني يكم من بينهم الحظ الوافر من ذلك لاشراف جبلهم على سائرها وسموه بقلاعه إلى مجارى السحب دونها وتوعر مسالكه بهبوب الرياح فيها وهذا الجبل مطل على سبتة من غربيها وصاحب أمره يوسف بن عمرو بنوه ولهم فيه عزة وثروة قد اتخذوا به المصانع والغروس وفرض لهم السلطان بديوان سبتة العطاء وأقطعهم ببسيط طنجة الضياع استئلافا لهم وحسما لزبون سائر غمارة بابناس طاعتهم ولله الخلق والامر بيده ملكوت السماوات والأرض {الخبر عن أهل جبال درن بالمغرب الأقصى من بطون المصامدة وما كان لهم من الظهور والأحوال ومبادي أمورهم وتصاريفها} هذه الجبال بقاصية المغرب من أعظم جبال المعمور بما أعرق في الثرى أصلها وذهبت في السماء فروعها ومدت في الجو هياكلها ومثلث سياجا على ريف المغرب سطورها تبتدئ من ساحل البحر المحيط عند أسفى وما إليها وتذهب في المشرق إلى غير نهاية ويقال انها تنتهي إلى قبلة برنيق من أرض برقة وهي في الجانب مما يلي مراكش قد ركب بعضها بعضا متتالية على نسق من الصحراء إلى التل يسير الراكب فيه متعرضا من نامسنا وسواحل مراكش إلى بلاد السوس ودرعه من القبلة ثمان مراحل وأزيد تفجرت فيها الأنهار وجلل الأرض حمراء الشعراء وتطابقت بينها ظلال الأدواح وزكت فيها مواد الزرع والضرع وانفسحت مسارح الحيوان ومراتع الصيد وطابت منابت الشجر ودرت أفاويق الجباية يعمرها من قبائل المصامدة أمم لا يحصيهم الا خالقهم قد اتخذوا المعاقل والحصون وشيدوا المباني والقصور واستغنوا بقطرهم عن سائر أقطار العالم فرحل إليهم التجر من الآفاق واختلفت إليهم أهل النواحي والأمصار ولم يزالوا مذ أول الاسلام وما قبله معتمرين بتلك الجبال قد أوطنوا منها أقاليم تعددت
(٢٢٣)