علي بن أحمد ونزل على يعقوب بن علي فأسكنه بمقره من بلاده إلى أن بدا لعمه المولى أبى اسحق رأيه في اللحاق بتونس لما توقع من مهلك صاحبه وكافله أبى محمد بن تافراكين أسره إليه بعض الجند فحذره مغبته ووقع من ذلك في نفوس أهل بجاية انحراف عنه وحرج أمره وراسلوا أميرهم الأقدم أبا عبد الله من مكانه بمقره وظاهره على ذلك يعقوب بن علي وأخذله العهد على رجالات سدويكش أهل الضاحية وارتحلوا معه إلى بجاية ونازلها أياما ثم استيقن الغوغاء اعتزام سلطانهم على التقويض عنهم وسئموا ملكة علي بن صالح الذي كان عريفا عليهم فثاروا به ونبذوا عهده وانفضوا من حوله إلى الأمير أبى عبد الله بالحرسة من ساحة البلد ثم قاد إليه عمه أبا إسحاق فمر عليه وخلى سبيله إلى حضرته فلحق بها واستولى أبو عبد الله على بجاية محل امارته في رمضان سنة خمس وستين وتقبض على علي بن أبي صالح ومن معه من عرفاء الغوغاء أهل الفتنة فاستصفى أموالهم ثم أمضى حكم الله في قتلهم ثم نهض إلى تدلس لشهرين من مملكة بجاية فغلب عليها عمر بن موسى عامل بنى عبد الواد ومن اعتاص قبلهم وتملكها في آخر سنة خمسين وبعث عنى من الأندلس وكنت مقيما بها نزيلا عند السلطان أبى عبد الله بن أبي الحاج بن الأحمر في سبيل اغتراب ومطاوعة تغلب منذ مملك السلطان أبى سالم الجاذب بضبعي إلى تقويمه والترقي في خطط كتابته من ترسيل وتوقيع ونظر في المظالم وغيرها فلما استدعاني هذا الأمير أبو عبد الله بادرت إلى امتثاله ولو شاء ربك ما فعلوه ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير فأجزت البحر شهر جمادى من سنة ست وقلدني حجابته ودفع إلى أمور مملكته وقمت في ذلك المقام المحمود إلى أن يأذن الله بانقراض أمره وانقطاع دولته ولله الخلق والامر وبيده تصاريف الأمور * (الخبر عن مهلك الحاجب أبى محمد بن تافراكين واستبداد سلطانه من بعده) * كان السلطان أبو اسحق آخر دولته ببجاية قد تجبر ملك حاجبه المستبد عليه أبى محمد بن تافراكين لما كان أهل صنهاجة أهل التنجيم يحدثونه بذلك فأجمع الرحلة إليها وانفض عنه أهل بجاية إلى ابن أخيه كما قدمناه واستولى عليه ثم أطلقه إلى حضرته فلحق بها في رمضان سنة خمس وستين وتلقاه أبو محمد بن تافراكين ورآه مرهف الحد للاستبداد الذي ألفه ببجاية فكايله بصاع الوفاق وصارفه نقد المصانعة وازدلف بأنواع القربات وقاد إليه النجائب ومنحه الذخائر والأموال وتجافى له عن النظر في الجباية ثم أصهر إليه السلطان في كريمته فعقد له عليها وأعرس السلطان بها ثم كان مهلكه عقب ذلك فاتح ست وستين فوجم السلطان لنعيمه وشهد جنازته حتى وضع في لحده من المدرسة التي اختطها لقراءة العلم إزاء داره جوفي المدينة وقام على قبره باكيا وحاشيته يتناولون
(٣٧٧)