خالصة السلطان وبدا لهم ما لم يكونوا يحتسبونه فأحفظهم ذلك وأهمهم شأنه وتنكر منصور بن حمزة وقلب ظهر المجن ونزع يده من الطاعة وغمسها في الخلاف وتابعه على خروجه على السلطان أبو معنونة أحمد بن محمد بن عبد الله بن مسكين شيخ حكيم وارتحل باحيائه إلى الزواودة صريخا مستجيشا بالأمير أبى يحيى بن السلطان أبى بكر القيم بين ظهرانيهم من لدن قفلته من المهدية وانتزائه بها على أخيه المولى أبى اسحق كما ذكرناه فنصب للامر وبايعوه وارتحل معهم وأغذوا السير إلى تونس ولقيهم منصور بن حمزة في احياء بيته فبايعوا له وأوفدوا مشيختهم على يحيى بن علول شيطي الغواية المراد على الخلاف يستحثونه للطاعة والمدد بمداخلة كانت بينهم في ذلك سول لهم فيها بالمواعيد وأملى لهم حتى إذا غمسوا أيديهم في النفاق والاختلاف سوفهم عن مواعيد حمايته بماله فأسرها منصور في نفسه واعتزم من يومئذ على الرجوع إلى الطاعة ثم رحلوا للاجلاب على الحضرة وسرح السلطان أبو العباس أخاه الأمير أبا يحيى زكريا للقيهم في العساكر وتزاحفوا فأتيح لمنصور وقومه ظهور على عساكر السلطان وأوليائه لم يستكمله وأجلبوا على البلاد أياما ونمى إلى السلطان أن حاجبه ابا عبد الله بن تافراكين داخلهم في تبييت البلد فتقبض عليه وأشخصه في البحر إلى قسنطينة فلم يزل بها معتقلا إلى أن هلك سنة ثمان وسبعين ثم سرب السلطان أمواله في العرب فانتقض على المنصور قومه وخشى معه حاله وسوغه السلطان جائزته فعاود الطاعة ورهن ابنه ونبد إلى السلطان زكريا العم عهده ورجعه على عقبه إلى الزواودة والتزم طاعة السلطان والاستقامة على المظاهرة إلى أن هلك سنة ست وسبعين قتله محمد بن أخيه قتيبة في مشاجرة كانت بينهما طعنه بها فأشواه ورجع جريحا إلى بيته وهلك دونها أواخر يومه وقام بأمر بنى كعب بعده صولة بن أخيه خالد وعقد له مولانا السلطان على أمرهم واستمرت الحال إلى أن كان من أمره ما نذكر ان شاء الله تعالى * (الخبر عن فتح سوسة والمهدية) * كانت سوسة منذ واقعة بنى مرين بالقيروان تغلب العرب على العمالات فأقطعها السلطان أبو الحسن لخليفة بن عبد الله بن مسكين فيما سوغ للعرب من الأمصار والاقطاعات مما لم يكن لهم فاستولى عليها خليفة هذا ونزلها واستقل بجبايتها وأحكامها واستبد بها على السلطان ولم يزل كذلك إلى أن هلك وقام بأمره في قومه عامر بن عمه محمد ابن مسكين أيام استبداد أبى محمد بن تافراكين فسوغها له كذلك مفضلا مرهبا من قتله ثم قتله بنو كعب وأقام بأمر حكيم من بعده أحمد الملقب أبو صعنونة بن محمد أخي خليفة بن عبد الله بن مسكين فاستبد بسوسة على السلطان واقتعدها دار امارته وربما
(٣٨٤)