ثم عاد ابن يملول إلى الاجلاب على توزر من السنة القابلة وخرج السلطان في عساكره فكر راجعا إلى الزاب ونزل السلطان قفصة ووافاه هنا لك ابنه المنتصر وتظلم أهل توزر من أبى القاسم الشهرزوري الذي كان حاجبا للمنتصر فسمع شكواهم وأبلغ إليه الخاصة سوء دخلته وقبيح أفعاله فتقبض عليه بقفصة واحتمله مقيدا إلى تونس وغضب لذلك المنتصر وأقسم لا يلي على توزر وسار مع السلطان إلى تونس وولى السلطان على توزر الأمير زكريا من ولده الأصاغر لما كان يتوسم فيه من النجابة فصدقت فراسته فيه وقام بأمرها وأحسن المدافعة عنها وقام باستئلاف الشارد من أحياء العرب وأمرائهم حتى تم أمره وحسنت ولايته والله متولى الأمور بحكمته لا اله الا هو * (وفاة الأمير أبى عبد الله صاحب بجاية) * كان السلطان لما سار إلى فتح تونس وولى على بجاية ابنه محمدا كما مر وأقام له حاجبا وأوصاه بالرجوع إلى محمد بن أبي مهدى زعيم البلد وقائد الأسطول المتقدم على أهل الشطارة والرجولية من رجل البلد ورماتهم فقام هذا الأمير أبو عبد الله في منتصف الملك ببجاية أحس قيام واصطنع ابن مهدي أحسن اصطناع فكان يجرى في قصوره وأغراضه ويكفيه مهمه في سلطانه ويراقب مرضاة السلطان في أحواله والأمير يعرف له ذلك ويوفيه حقه إلى أن أدركته المنية أوائل خمس وثمانين فتوفى على فراشه آنس ما كان شربا وآمن ذرعا مشيعا من رضا أبيه ورعيته بما يفتح له أبواب الرضا من ربه وبلغ نعيه إلى أبيه بتونس فبادر بإنفاذ العهد لابنه أبى العباس أحمد بولاية بجاية مكان ابنه وجعل كفالة أمره لابن أبي مهدى مستبدا عليه واستقامت الأمور على ذلك * (حركة السلطان إلى الزاب) * كنت أنهيت بتأليف الكتاب إلى ارتجاع توزر من أيدي ابن يملول وأنا يومئذ مقيم بتونس ثم ركبت البحر منتصف أربع وثمانين إلى بلاد المشرق لقضاء الفرض ونزلت بالإسكندرية ثم بمصر ثم صارت أخبار المغرب تبلغنا على ألسنة الواردين فمن أول ما بلغنا وفاة هذا الأمير ابن السلطان ببجاية سنة خمس وثمانين ثم بلغنا بعدها حركة السلطان إلى الزاب سنه ست وثمانين وذلك أن أحمد بن مزنى صاحب بسكرة والزاب لعهده كان مضطرب الطاعة متحيزا على السلطان وكان يمنع في أكثر السنين المغارم معولا على مدافعة العرب الذين هلكوا بضواحي الزاب والتلول دونه وأكثر وثوقه في ذلك بيعقوب بن علي وقومه الزواودة وقد مر طرف من أخباره مثبوتا في أخبار الدولة
(٣٩٦)