كما يذكر واتصلت ممالك الأمير أبى العباس في بلاد الجريد وثاور أبو بكر بن بهلول توزر مرارا تفلت في كلها من الهلكة إلى أن مات ببسكرة سنة سبع وأربعين قبيل مهلك الناس كما يذكر وأقام أبو العباس بمحل امارته ولم يزل يمهد الأحوال ويستنزل الثوار وكان أبو مكي قد امتنع عليه بقابس وكان من خبره انه لما رجع عبد الملك من تونس مع عبد الواحد بن اللحياني الذي كان حاجبا له وذهب ابن اللحياني إلى المغرب وأقام هو بقابس ثم استراب بمكان أمره مع السلطان حين ذهب ملك آل زيان فأوفد أخاه أحمد بن مكي على السلطان أبى الحسن متنصلا من ذنوبه متذمما بشفاعته منه إلى السلطان أبى بكر فشفع له وأعاده السلطان إلى مكان رياسته واستقام هو على الطاعة ونكب عن سنن العصيان والفتنة وكان لأحمد بن مكي حظ من المال والأدوات ونفس مشغوفة بالرياسة والشرف وكان يقرض الشعر فكان يجيد ويرسل فيحسن وكان خط كتابته أنيقا ينحو به منحى الخط الشرقي شأن أهل الجريد فيمتع ما شاء فكانت لذلك كله في نفس الأمير أبى العباس صاغية إليه وكان هو مستريبا بالمخالطة لما شاء من آثاره السالفة ولم يزل الأمير أبو العباس يفتل له في الذروة والغارب إلى أن جلبه إلى مجلس السيدة أمه الواحدة أخت مولانا السلطان قافلة من حجها فمسح ما كان بصدره وأحكم له عقد مخالصته واصطنعه لنفسه فحل من امارته بمكان غبطة واعتزاز وعقد له السلطان على جزيرة جربة واستضافها إلى عمله وأنزل عنها مخلوف بن الكماد من صنائعه كان افتتحها سنة ثمان وثمانين وعقد له السلطان عليها فنزلها أحمد بن مكي واستقل عبد الملك أخوه برياسة قابس فقاما على ذلك وجردا عزائمهما في ولاية أبى العباس صاحب أعمال الجريد فلم يزالوا كذلك إلى أن كان من أمر الجميع ما نذكر ان شاء الله تعالى * (الخبر عن مهلك الوزير أبى العباس بن تافراكين) * كان السلطان أبو بكر عند نكبة القائد بن الحكيم استعمل على حجابته شيخ الموحدين أبا محمد بن تافراكين كما ذكرناه وفوض إليه فيما وراء بابه وعقد على الوزارة لأخيه أبى العباس أحمد وكان أبو محمد جليس الباب لمكان الحجابة فرفع إلى الحرب وفود العساكر وامارة الضاحية أخاه أبا العباس فقام بما دفع إليه من ذلك وكان بنو سليم بعد مهلك حمزة بن عمر نقموا ما كان عليه من الاذعان وسموا إلى الخلاف والعناد فكان من أنباء حمزة في ذلك من الاجلاب على الحضرة ما ذكرناه وكان سحيم بن من أولاد القوس بن حكيم بينه وبينهم غدر وخلاف وعناد وكان السلطان قد ولى على حجابة ابنه الأمير أبى العباس في أعمال الجريد ابا القاسم بن عتو من مشيخة
(٣٥٢)