{الخبر عن ظهور الدعي أبى عمارة وما وقع من الغريب في أمره} كان أحمد بن مرزوق أبو عمارة من بيوتات بجاية الطارئين عليها من المسيلة نشأ ببجاية وسيما محترفا بصناعة الخياطة غمرا وكان يحدث نفسه بالملك لما كان يزعم أن العارفين يخبرونه بذلك وكان هو يخط فيريه خطه ذلك ثم اغترب عن بلده ولحق بصحراء سجلماسة واختلط بعرب المعقل وانتمى إلى أهل البيت وادعى أنه الفاطمي المنتظر عند الاغمار وانه يحيل المعادن إلى الذهب بالصناعة فاشتملوا عليه وحدثوا بشأنه أياما أخبرني طلحة ابن مظفر من شيوخ العمارية احدى بطون المعقل انه رآه أيام ظهوره بالمعقل ملتبسا بتلك الدعوى حتى فضحه العجز ثم لما زهدوا فيه لعجز مدعاه ذهب يتقلب في الأرض حتى وصل إلى جهات طرابلس ونزل على ذياب وصحب منهم الفتى نصيرا مولى الواثق بن المستنصر ويلقب برى ولما رآه تبين فيه شبها من الفضل ابن مولاه فطفق يبكى ويقبل قدميه فقال له ابن أبي عمارة ما شأنك فقص عليه الخبر فقام صدقتني في هذه الدعوى وأنا أثئرك من قاتلهم وأقبل نصير على أمراء العرب مناديا بالسرور بابن مولاه حتى خيل عليهم ثم نزل بادس إلى ابن أبي عمارة من محاورات وقعت بين العرب وبين الواثق قصها عليهم بن أبي عمارة نفيا للريب بأمره فصدقوا واطمأنوا وأتوه ببيعتهم وقام بأمره صرغم ابن صابر بن عسكر أمير ذباب وجمع له العرب ونازلوا طرابلس وبها يومئذ محمد بن عيسى الهنتاتي وشهر بعنق الفضة فامتنعت عليهم ورحلوا إلى بحر بين الموطنين بزيزور وجهاتها من هوارة فأوقعوا بهم ثم سار في تلك النواحي واستوفى جباية لماية وزواوة وأغرم نفوسة وغريان ونفزة من بطون هوارة وضائع ألزمها إياهم واستوفاها ثم زحف إلى قابس فبايع له عبد الملك بن مكي في رجب سنة احدى وثمانين وأعطاه صفقته طواعية وفاء بحق آبائه فيما طوقوه وذريعة إلى الاستقلال الذي كان يؤمله وأعلن بخلافته ونادى بقومه واستخدم له بنى كعب بن سليم ورياستهم في بني شيخه لعبد الرحمن ابن شيخة فأجابوا داعيه وأنابوا إلى خدمته وتوافت إليه بيعة أهل حزبه والحامية وقرى نفزاوة ثم زحف إلى توزر وبلاد قصطيلة فأطاعوه ثم رجع إلى قفصة فبايع له أهلها وعظم أمره وعلا صيته فجهز إليه السلطان أبو اسحق العساكر من تونس كما نذكره والله تعالى أعلم لما تفاقم أمر الدعي بنواحي طرابلس ودخل الكثير من أهل الأنصار في طاعته جهز السلطان عساكره وعقد لابنه الأمير أبى زكريا على حربه فخرج من تونس ونازل القيروان واقتضى منها غرائم ووضائع استأثر منها بأموال ثم ارتحل إلى لقاء الدعي
(٣٠٢)