وانتهى إلى نموده وبلغه هنا لك ما كان من استيلاء الدعي على قفصة فأرجف به العسكر وانفضوا من حوله ورجع إلى تونس فدخلها آخر يوم من رمضان من سنته وارتحل الدعي على أثره من قفصة واحتل بالقيروان فبايع له أهلها واقتدى به أهل المهدية وصفاقس وسوسة فبايعوا له وكثر الارجاف بتونس فاضطرب السلطان وأخرج معسكره بظاهر البلد في وسط شوال وضرب الغزو على الناس واستكثر من العدد وخرج إلى معسكره بظاهر البلد وتلوم بها لإزاحة العلل وارتحل الدعي من القيروان زاحفا إليه فتسربت إليه طبقات الجنود ومشيخة الموحدين رضى عنهم بمكانه وطاغية بنى المستنصر خليفتهم الطويل أمد الولاية عليهم رحمة لما نازل الواثق وأبناءه من عملهم ثم انفض عن السلطان كبير الدولة موسى بن ياسين في معظم من الموحدين ولحق الدعي بطريقه فاحتل من السلطان وانتقضت عرى ملكه وفر إلى بجاية كما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن لحاق السلطان أبى اسحق بجاية ودخول الدعي بن أبي عمارة إلى تونس وما كان من أمره بها} لما انفض معسكر السلطان أبى اسحق آخر شوال من سنة احدى وثمانين ركب في خاصته وبعض جنوده ذاهبا إلى بجاية ومر بتونس فوقف عندها ثم احتمل أهله وولده وسار في كلب البرد فكان يعاني من قلة الأقوات وتعاور المطر والثلج شدة وكان يصانع القبائل في طريقه سلما له ثم مر بقسنطينة فمنعه عاملها عبد الله بن توفيان الهرغى من دخولها وقرب إليه بعض القرى من الأقوات وارتحل إلى بجاية وكان من أمره ما يذكر ودخل الدعي بن أبي عمارة إلى الحضرة وقلد موسى بن ياسين وزارته وأبا القاسم أحمد بن الشيخ حجابته وتقبض على صاحب الاشغال أبى بكر بن الحسين بن خلدون فاستصفاه وصادره على مال امتحنه عليه ثم قتله خنقا وصرف خطة بجاية إلى عبد الملك بن مكي رئيس قابس واستكمل ألقاب الملك وقسم الخطط بين رجال الدولة وصرف همه إلى غزو بجاية والله تعالى أعلم لما وصل السلطان أبو اسحق إلى بجاية في شهر ذي القعدة من سنته طريدا عن ملكه غافلا عن كرسي سلطانه انتضى عليه ابنه الأمير أبو فارس ومنعه من الدخول إلى قصره فنزل بروض الرفيع وأراده على الخلع فانخلع له وأشهد الملا من الموحدين ومشيخة بجاية بذلك وأنزله قصر الكوكب ودعا الناس إلى بيعته آخر ذي القعدة فبايعوه وبلغت المعتمد على الله ونادى في أوليائه من رياح وسدويكش وخرج من
(٣٠٣)