على تونس اثر واقعة رغيس وبرزت إليهم العساكر فانهزموا كما ذكرناه ولحق بتلمسان وجاء هذا الوفد على اثره فنصبه السلطان أبو تاشفين لهم واستعمل على حجابته محمد بن يحيى بن القالون وبعث معهم العساكر لنظر موسى بن علي الكردي وزحفوا إلى إفريقية وخرج السلطان أبو بكر من تونس لمدافعتهم في ذي القعدة من سنة أربع وعشرين وانتهى إلى قسنطينة وعاجلوه قبل استكمال التعبية فنزل بساحتها وأقام موسى بن علي على منازلتها بعساكر بنى عبد الواد وتقدم إبراهيم بن الشهيد وحمزة بن عمر إلى تونس فدخلها في رجب سنة خمس وعشرين واستمكن منها وعقد على باجة لمحمد بن داود من مشيخة الموحدين وثار عليه في بعض ليالي رمضان بعض بطانة السلطان كانوا بالبلد في غيابات الاختفاء وكان منهم يوسف بن عامر بن عثمان وهو ابن أخي عبد الحق بن عثمان من أعياص بنى مرين وفيهم القائد بلاط من وجوه الترك المرتدفة بالحضرة وابن حسان نقيب الشرفاء فاتعدوا واجتمعوا من وجوه الليل وهتفوا بدعوة السلطان وطافوا بالقصبة فامتنعت عليهم فعمدوا إلى دار كشلى من الترك المرتدفة وكان بطانة لابن القالون فقاتلوها وامتنعت عليهم ثم أعجلهم الصباح عن مرامهم وتتبعوا بالقتل وفرغ من شأن هم وكان موسى بن علي ومن معه من العساكر لما تخلف عن ابن الشهيد لحصار قسنطينة أقام عليها أياما ثم أقلع عنها لخمس عشرة ليلة من منازلته ورجع إلى صاحبه بتلمسان وخرج السلطان من قسنطينة فاستكمل الحشد والتعبية ونهض إلى تونس فأجفل منها ابن الشهيد وابن القالون ودخلها السلطان في شوال سنة خمس وعشرين واستولى على دار ملكه وأقام بها إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن حصار بجاية وبناء تيمرزدكت وانهزام عساكر السلطان عنها) * كان أبو تاشفين منذ خلا له الجو وتمكن في الامر من القوم يلح على بجاية بترديد البعوث ومطاولة الحصار والسلطان أبو بكر يدفع لحمايتها والممانعة دونها من رجالات دولته وعظماء وزرائه الأول فالأول من أهل الكفاية والاضطلاع بما يدفع إليه من ذلك وسرب إليهم المدد من الأموال والأسلحة والجنود وتعهد إليهم بالصبر والثبات في المواطن ونظراؤه من وراء ذلك وكان أبو تاشفين كلما أحس من السلطان أبى بكر بنهوضه إلى المدافعة عنها أو عزم على غزو كتائبه المجهزة عليها رماه بشاغل يوهن من عزمه ويسكن عنان بطشه وكانت فتنة ابن عمر من أدهى الشواغل في ذلك بما كان يجنب العرب عن الطاعة ويجمع الاعراب للاجلاب على الحضرة وينصب الأعياص يطمعهم فيما ليس لهم من نيل الخلاف كان ذلك ديدنا متصلا أزمان تلك المدة ولما سرح
(٣٣٦)