حفص صاحب الحضرة ودانوا بطاعته على السنن وتواقعوا دانية منصور بن فضل بن مزنى وكان لحق بالحضرة عند مهلك ابنه بكرفة من أحياء هلال بن عامر وهم العرب المتولون أمر جبل أوراس ونزل على الشبه بأفاريقهم فاركبوه وكسبوه ولحق ببجاية سنة ثنتين وسبعين فنزل بباب السلطان ورغبه في ملك الزاب وصانع الحاجب ابن أبي حي بأنواع التحف وضمن له تحويل الدعوة بالزاب للسلطان الأمير أبو زكريا وتسريب جبايته إليه فاستماله بذلك وعقد له على الزاب وأمده بالعسكر ونازل بسكرة فامتنعت عليه ورأى مشيختها بنو دمار بعدهم عن ضريح تونس والحاح عدوهم منصور ابن فضل فأعلنوا بطاعة الأمير أبى زكريا وبعثوا إليه ببيعتهم ووفدهم ودفع عادية ابن مزنى عنهم فأرجعهم بما أملوه من القبول وأن تكون أحكامهم إلى قائد عسكره ونظر ابن مزنى مصروفا إلى بجاية ولما وصل الوفد إلى بسكرة خرجوا إلى القائد ومنصور بن مزنى فأدخلوه البلد ودانوا بالطاعة وتصرفت الأمور على ذلك إلى أن كان من أمر منصور بن مزنى ما نذكره في اخباره ولم يزل الزاب في دعوة الأمير أبى زكريا وبنيه إلى أن استولى على الحضرة وبنوه لهذا العهد كما تراه في الاخبار بعد أن شاء الله تعالى {الخبر عن مهلك عبد الله الفازازى شيخ الموحدين والحاجب أبى القاسم بن الشيخ رؤساء الدولة} كان أبو عبد الله الفازازى من مشيخة الموحدين وكان خالصة للسلطان أبى حفص وعقد له على العساكر كما قدمناه ودفعه إلى الحروب وتمهيد النواحي فقام في ذلك المقام المحمود ودوخ الجهات واستنزل الثوار ودفعهم وجبى الخراج وكانت له في ذلك آثار مذكورة وفى بلاد الجريد ومشيختها تصاريف وأحوال وهو الذي امتحن أحمد بن بهلول بسعاية المشيخة من أهل توزر وكج عنانه من مراميه إلى الرياسة عليهم وهلك آخر حركاته إلى بلاد الجريد على مرحلتين من تونس سنة ثلاث وتسعين ولسنة منها كان مهلك الحاجب أبى القاسم بن الشيخ وكان من خبر أوليته انه قدم من بلده دانية إلى بجاية سنة ست وعشرين واتصل بعاملها محمد بن ياسين فاستكتبه وغلب عليه واستدعى ابن ياسين إلى الحضرة وابن الشيخ في جملته والتمس السلطان من يرشحه لكتابته ويخف عليه فأطنب ابن ياسين في وصف كاتبه أبى القاسم بن الشيخ وحلاه وابتلاه السلطان فلم يرضه وصرفه ثم راجع رأيه فيه واستحسنه ورسمه في خدمته وأمر ابن أبي الحسن بتلقينه الآداب وتصريفه في وجوه الخدمة ومذاهبها فكان له في ذلك غناء وخفة على مخدومه إلى أن هلك ابن أبي الحسن وكان الخراج بدار السلطان موقوفا على نظره من جملة ما إليه وكان قلمه عاملا فيه فأفرد ابن الشيخ بذلك بعد مهلكه إلى آخر أيام
(٣١٠)