وتسعين في آخر ربيعها والله تعالى أعلم * (الخبر عن وصول ابن منقذ بالهدية من قبل صاحب الديار المصرية) * كان الفرنج قد ملكوا سواحل الشأم في آخر الدولة العبيدية منذ تسعين سنة وملكوا بيت المقدس فلما استولى صلاح الدين بن أيوب على ديار مصر والشأم اعتزم على جهادهم وصار يفتتح حصونها واحدا بعد واحد حتى أتى على جميعها وافتتح بيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وهدم الكنيسة التي بنواحيها وانقضت أمم النصرانية من كل جهة واعترضوا أسطول صلاح الدين في البحر فبعث صريخه إلى المنصور سنة خمس وثمانين يطلب اعانته بالأساطيل لمنازلة عكا وصور وطرابلس ووفد عليه أبو الحرث عبد الرحمن بن منقذ بقية أمراء شيزر من حصون الشأم كانوا أشروا به عند اختلال الدولة العبيدية فلما استقام الامر على يد صلاح الدين وانتظم ملك مصر والشأم واستنزل بنى منقذ هؤلاء ورعى لهم سابقتهم وبعثه في هذه إلى المنصور بالمغرب بهدية تشتمل على مصحفين كريمين منسوبين ومائة درهم من دهن البلسان وعشرين رطلا من العود وستمائة مثقال من المسك والعنبر وخمسين قوسا عربية بأوتارها وعشرين من النصول الهندية وسروج عدة ثقيلة ووصل إلى المغرب ووجد المنصور بالأندلس فانتظره بفاس إلى حين وصوله فلقيه وأدى الرسالة فاعتذر له عن الأسطول وانصرف ويقال انه جهز له بعد ذلك مائة وثمانين أسطولا ومنع النصارى من سواحل الشأم والله تعالى أعلم * (دولة الناصر بن المنصور) * لما هلك المنصور وأمر ابنه محمد ولى عهده وتلقب النصار لدين الله واستوزر أبا زيد ابن يوخلين وهو ابن أخي الشيخ أبى حفص ثم استوزر أبا محمد بن الشيخ أبى حفص وعقد للسيد أبى الحسن بن السيد أبى حفص على بجاية وفوض إليه في شؤنها وبلغه سنة ست وتسعين إجحاف العدو بإفريقية وفساد الاعراب في نواحيها ورجوع السيد أبى الحسن من قسنطينة منهزما أمام ابن غانية فأنفذ السيد أبا زيد بن أبي حفص إلى تونس في عسكر من الموحدين لسد ثغورها وأنفذ أبا سعد بن الشيخ أبى حفص فتغلب ابن غانية خلال ذلك على حصن المهدية وثار بالسوس سنة ثمان وتسعين ثائر من كزولة يعرف بأبي قفصة فسرح الناصر إليه عساكر الموحدين فقصدوا جموعه وقتل وفى أيامه كان فتح ميورقة على ما نتلوا من خبرها * (فتح إفريقية) *
(٢٤٦)