رسوخها ولما ألقى الداعي بن أبي عمارة جسدا على كرسي الخلافة سنة احدى وثمانين قلده خطة الجباية بالحضرة مستقلا فيها بالولاية والعزل والفرض والتقدير والحسبان بعد أن أجزل من بيت المال عطاءه وجرايته وأسنى رزقه وأهدى الجواري من القصر إليه ولما هلك الداعي واستقلت قدم الخلافة من عثارها كما قدمناه سنة ثلاث وثمانين لحق عبد الحق بن مكي ببلده وامتنع بها على حين ركود ريح الدولة وفشلها ومرض في طاعته ودافع أهل الدولة بالدعاء للخليفة على منابره ثم جاهر بالخلعان سنة ثلاث وتسعين وبعث بطاعته إلى صاحب الثغور المولى أبى زكريا الأوسط وهلك ابنه أحمد ولى عهده سنة سبع وتسعين ثم هلك هو من بعده على رأس المائة السابعة وتخلف حافده تكماقبصوه للملك بعقبه وكفله ابن عمه يوسف بن حسن وقام بالأمر مستبدا عليه إلى أن هلك وخلفه في كفالة أحمد بن ليدان من بيوت أهل قابس وأصبهان وبنى مكي وأثاب أمرهم بمهلك يوسف فنقب لهم السلطان الآن اللحياني إلى الحضرة وأقاموا بها أياما ثم ردهم إلى بلدهم أيام مجافاته عن تونس وخروجه إلى ناحية قابس ثم هلك خلال ذلك مكي وخلف صبيين يافعين عبد الملك وأحمد فكفلهما ابن ليدان إلى أن شبا واكتهلا ولهما من الامتناع على الدولة والاستبداد بأمر القطر والاقتصار على الدعاء للخليفة مثل ما كان لأبيهما وأكثر لتقلص ظل الملك عن قطرهم وشغل السلطان بمدافعة يغمراسن وعساكرهم عن الثغور الغربية واجلائهم بالأعز واعتاص من أهل البيت على الحضرة ولما هلك السلطان أبو يحيى اللحياني بمصر قفل ابنه عبد الواحد إلى المغرب يحاول أسباب الملك ونزل بساحتهم على ما كان من صنائع أبيه إليهم فذكروا العهد وأوجبوا الحق وآتوا بيعتهم كبيرهم عبد الملك بأمره ودعا الناس إلى طاعته وخالف السلطان أبا يحيى عند نهوضه إلى الثغور لحماية سنة ثلاث وثلاثين كما قدمناه فدخل الحضرة ولبث بها أياما لم تبلغ نصف شهر وبلغ خبرهم إلى السلطان فانكفأ راجعا وفروا إلى مكانهم من قابس والدولة بنظرهم الشزر ويتربص بهم الدوائر إلى أن غلب السلطان أبو الحسن على تلمسان ومحا دولة آل يغمراسن وفرغت الدولة من شأنهم إلى ومد عمر يده إلى صفاقس فتناولها وتغلب عليها سنة سبع وخمسين وهلك السلطان أبو عنان وقد شرق صدر ابن تافراكين الغالب على الحضرة بعداوتهما فردد عليهما برا وبحرا إلى أن تخلص جزيرة جربة من أيديهما أعوام أربعة وستين وعقد عليهما
(٤٢٢)