الرشيد لما فصل من سجلماسة استخلف عليها يوسف بن علي التنمللي فاستعمل ابن خالته من بنى مردنيش وهو يحيى بن أرقم بن محمد بن مردنيش فثار عليه ثائر من صنهاجة وقتله في حبائله وقدم ابنه أرقم يطلب الثار وبلغ منه ما أراد ثم حدثته نفسه بالانتقاض خوفا من عزل الرشيد إياه فانتقض ونهض إليه الرشيد سنة ثنتين وثلاثين فلم يزل أبو محمد بن وانودين يعمل الحيلة في استخلاصها حتى تمكن منها وعفا عن أرقم وكان ابن وقاريط لما فصل إلى ابن هود سنة أربع وثلاثين ركب البحر في أسطول ابن هود وقصد اسلا وبها السيد أبو العلى صهر الرشيد فكاد ان يغلب عليها وفى سنة خمس وثلاثين بايع أهل إشبيلية للرشيد ونقضوا طاعة ابن هود وتولى كبر ذلك أبو عمر بن الجد واستخف بنو حجاج إلى سبتة ووصل وفدهم إلى الحضرة ومروا في طريقهم بسبتة فاقتدى أهلها بهم في بيعة الرشيد وخلعوا أميرهم اليانشى الثائر بها على ابن هود وقدموا على الحضرة وولى عليهم الرشيد أبا علي بن خلاص منهم ولأيام من مقدمهم فأمكنهم من ابن وقاريط وبعث إلى الرشيد في وفد من رسله فاعتقل بأزمور وقتل وصلب برباط هسكورة بعد أن طيف به على جمل وانصرف وفد إشبيلية وسبتة واستقدم الرشيد رؤساء الخلط فقبض عليهم وبعث عساكره فاستباحوا حللهم وأحياءهم ثم أمر بقتل مشيختهم وقتل معهم ابن وقاريط وقطع دابرهم وفى سنة ست وثلاثين وصلت بيعة محمد بن يوسف بن نصر بن الأحمر الثائر بالأندلس على ابن هود وفى سنة سبع وثلاثين اشتدت الشوكة بالمغرب وانتشر بنو مرين وزحف إليهم فهزموه ثم زحف ثانية وثالثة فهزموه وأقام في محاربتهم سنتين ورجع إلى الحضرة واشتد عدوان بنى مرين بالمغرب وألحوا على مكناسة حتى أعطوا الإتاوة لبنى حمامة منهم فاستنفوا بنى عسكر بذلك واتصل عليهم في نواحيها وفى سنة سبع وثلاثين قتل الرشيد كاتبه ابن المومياني لمداخلة له مع بعض السادة وهو عمر بن عبد العزيز أخي المنصور وقف على كتابه إليه بخطه وغلط الرسول بها فدفعها بدار الخليفة وفى سنة أربعين بعدها كانت وفاة الرشيد غريقا في بعض جواري القصر ويقال انه أخرج من الماء وحم لوقته وكأنه فيها مهلكه والله تعالى أعلم * (الخبر عن دولة السعيد بن المأمون) * لما هلك الرشيد بويع أخوه أبو الحسن السعيد بتعيين أبى محمد بن وانودين وتلقب المقتدر بالله واستوزر السيد أبا إسحاق بن السيد أبى إبراهيم ويحيى بن عطوش وتقبض على جملة من مشيخة الموحدين واستصفى أموالهم واستخلف لنفسه رؤساء العرب من جشم واستظهر بجموعهم على أمره وكان شيخ سفيان كانون بن جرمون كبير محكسة ولأول بيعته انتقض عليه أبو علي بن الخلاص البلنسي صاحب سبتة وكذلك أهل
(٢٥٦)