أهل قسنطينة جمع من الرعية بعثهم ابن وزير فأعرض عنهم وقصد قسنطينة في أول ربيع سنة احدى وثمانين فثار بها وجمع الأيدي على حصارها ونصب المجانيق وقرر قواعد الرماة وقاتلها يوما أو بعض يوم وتسور عليهم المعقل من بعض جهاته وكان المتولي لتسوره صاحبه محمد بن أبي بكر بن خلدون وأبان بن وزير عند الصدمة حتى أحيط به قتل هو وأخوه وأشياعهما ونصبت رؤسهم بسور البلد وتمشى الأمير في سكك البلد مسكنا ومؤنسا وأمر برم ما تثلم من الأسوار وباصلاح القناطر ودخل إلى القصر وبعث بالفتح إلى أبيه بالحضرة وجاء أسطول النصارى إلى مرسى الفل في مواعدة ابن وزير فأخفق مسعاهم وارتحل الأمير أبو فارس ثالثة الفتح إلى بجاية فدخلها آخر ربيع من سنته والله أعلم * (الخبر عن قيادة ابن السلطان العساكر إلى الجهاد) * كان السلطان يؤثر أبناءه بمراتب ملكه ويوليهم خطط سلطانه شغفا بهم وترشيحا لهم فعقد في رجب سنة احدى وثمانين لابنه الأمير زكريا على عسكر من الموحدين والجند وبعثه إلى قفصة للاشراف على جهاتها وضم جبايتها فخرج إليهم وقضى شأنه من حركته وانصرف إلى تونس في رمضان من سنته ثم عقد لابنه الآخر أبى محمد عبد الواحد على عسكره وأنفذه إلى وطن هوارة لانقضاء مغارمهم وجباية ضرائبهم وفرائضهم وبعث معه عبد الوهاب بن قائد الكلاعي مباشرا لذلك وواسطة بينه وبين الناس فانتهى إلى القيروان وبلغه شأن الدعي وظهوره في ذباب بنواحي طرابلس فطير بالخبر إلى السلطان وأقبل على شأنه ثم انتشر أمر الدعي وانكفأ راجعا إلى تونس والله تعالى أعلم كان السلطان لما أجاز البحر من الأندلس لطلب ملكه ونزل على يغمراسن بن زيان بتلمسان فاحتفل لقدومه وأركب الناس للقائه وأتاه ببيعته على عادته مع سلفه لما علم أنه أحق بالأمر ووعده النصرة من عدوه والموازرة على أمره وأصهر إليه في احدى بناته المقصورات في خيام الخلافة بابنه عثمان تشريفا خطبه منه فأولاه اسعافا به ولما استولى السلطان على حضرته واستبد بأحوال ملكه بعث يغمراسن ابنه إبراهيم المكنى بأبي عامر في وفد من قومه لاتمام ذلك العقد فاعتمد السلطان مبرتهم وأسعف طلبتهم وأقاموا بالحضرة أياما وظهر من اقدامهم في فتن الدعي مقامات وانصرفوا بظعينتهم سنة احدى وثمانين محبوين وابتنى بها عثمان لحين وصولها فكانت من عقائل قصورهم ومفاخر دولتهم وذكرا لهم ولقومهم إلى آخر الأيام
(٣٠١)