عبد السلام بالحضرة بعد حين فاعتقلوا بها أيام السلطان أبى بكر ثم غربهم إلى الإسكندرية مع أولاد ابن الحكيم عند نكبته كما ذكرنا ذلك كله فنزلوا بالإسكندرية وأقبلوا على الحرف لمعاشهم ورجع أحمد هذا من بينهم إلى المغرب واستقر بتوزر واحترف بالخياطة ولما تفقد العرب الأعياص دلهم على نكرته بعض أهل عرفانه فانطلقوا إليه وجاؤا به وجمعوا إليه الآلة ونصبوه للامر وتبايعوا على الاستماتة ورجع إليهم السلطان في عساكره من تونس أيام الحج من سنة ثمان ولقيهم بالثنية دون القيروان فغلبهم وأجفلوا أمامه إلى القيروان ثم تذامروا ورجعوا مستميتين ثاني محرم سنة تسع فاختل مصافه ودخل القيروان وانتهبوا معسكره بما اشتمل عليه وأخذوا بمخنقه إلى أن اختلفوا فأفرجوا عنه وخلص إلى تونس كما نذكر والله تعالى أعلم * (الخبر عن حصار القصبة بتونس ثم الافراج عن القيروان وعنها وما تخلل ذلك) * كان الشيخ أبو محمد بن تافراكين أيام حجابة السلطان أبى بكر مستبدا بأمره مفوضا إليه في سائر شؤونه فلما استوزره السلطان أبو الحسن لم يجره على مألوفه لما كان قائما على أمره وليس التفويض للوزراء من شأنه وكان يظن أن السلطان أبا الحسن سيكل إليه أمر إفريقية وينصب معه أفضل للملك وربما زعموا أنه عاهده على ذلك فكان في قلبه من الدولة مرض وكان العرب يفاوضونه بذات صدورهم من الخلاف والاجلاب فلما حصلوا على البغية من الظهور على السلطان أبى الحسن وعساكره وأحاطوا به في القيروان تحيل ابن تافراكين في الخروج على السلطان لما تبين فيه من النكر منه ومن قومه وبعث العرب في لقائه وأن يحملوه حديث بيعتهم إلى الطاعة فأذن له وخرج إليهم وقلدوه حجابة سلطانهم ثم سرحوه إلى حصار القصبة وكان عند رحيله من تونس خلف بها الكثير من أبنائه ووجوه قومه واستخلف عليها عسكر السلطان على أنفسهم فلجأ من كان معهم من تونس إلى قصبتها وأحاط بهم الغوغاء فامتنعت عليهم واتخذوا الآلة للحصار وفرقوا الأموال في الرجال وعظم فيها غناء بشير من المعلوجين الموالى فطار له ذكر وكان الأمير أبو سالم ابن السلطان أبى الحسن قد جاء من المغرب فوافاه الخبر دوين القيروان فانفض معسكره ورجع إلى تونس فكان معهم بالقصبة ولما فرج عن ابن تافراكين من هوة الحصار بالقيروان طمعوا في الاستيلاء على قصبة تونس وفض ختامها فدفعوه إلى ذلك ثم لحق به سلطانه ابن أبي دبوس وعانى من ذلك ابن تافراكين صعبا لكثرة الرجل الذين كانوا بها ونصب المجانيق عليها فلم يغن شيئا وهو أثناء ذلك يحاول النجاء بنفسه لاضطراب الأمور واختلال الرسوم إلى أن بلغه خلوص السلطان من القيروان إلى سوسة وكان من خبره أن العرب بعد
(٣٦٠)