تسع وأربعين ووجد بعض الأعياص من قرابته قد ثاروا بها وهو محمد بن عبد الواحد من ولد أبى بكر ابن الأمير أبى زكريا الأكبر كان هو وأخوه عمر بالحضرة وكان لعمر منها النظر على القرابة فلما كان هذا الاضطراب لحقوا بالفضل وتركهم ببونة عند سفره إلى بجاية فحدثتهم أنفسهم بالانتزاء فلم يتم لهم أمر وثارت بهم الحاشية والعامة فقتلوا لوقتهم ووافى الفضل إلى بونة وقد انجلت غيمتهم ومحيت آثارهم فدخل إلى قصره وألقى عصا تسياره واستقل الأمير أبو عبد الله ابن الأمير أبى زكريا ببجاية محل امارة أبيه الأمير أبى زيد ابن الأمير أبى عبد الله بقسنطينة محل امارة أبيه والأمير أبو العباس الفضل ببونة محل امارته منذ عهد الامر والسلطان أبو الحسن بتونس إلى أن كان من أمرهم ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن حركة الفضل إلى تونس بعد رحيل السلطان أبى الحسن إلى المغرب) * كان العرب بعد ما قدمنا من طاعتهم واسلامهم سلطانهم إلى أبي دبوس قد انفضوا عن السلطان أبى الحسن وأجلبوا عليه ثانية وتولى كبر ذلك قتيبة بن حمزة وخالف إلى السلطان أخوه خالد مع أولاد مهلهل وافترق أمرهم وخرج كبيرهم عمر بن حمزة حاجا فاستقدم قتيبة وأصحابه الأمير الفضل من مكان امارته ببونة لطلب حقه واسترجاع ملك آبائه فأجابهم ووصل إلى أحيائهم آخر سنة تسع فنازلوا تونس وأجلبوا عليها ثم أفرجوا عن منازلتها أول سنة خمسين وأفرجوا عنها آخر المصيف واستدعاهم أبو القاسم بن عتو صاحب الجريد من مكان عمله بتوزر فدخل في طاعة الفضل وحمل أهل الجريد كلهم عليها واتبعه في ذلك بنو مكي وانقضت إفريقية عن السلطان أبى الحسن من أطرافها فركب أساطيله إلى المغرب أيام الفطر من سنة خمسين ومضى المولى الفضل إلى تونس وبها أبو الفضل ابن السلطان أبى الحسن كان أبوه قد عقد له عليها عند رحيله إلى المغرب تفاديا عن ثورات الغوغاء ومضرة هيعتهم وامن عليه بما كان عقد له من الصهر مع عمر بن حمزة في ابنته فلما أطلت رايات المولى الفضل على تونس أيام الحج نبضت عروق التشييع للدعوة الحفصية وأحاطت الغوغاء بالقصر ورجموه بالحجارة وأرسل أبو الفضل إلى بنى حمزة متذمما بصهرهم فدخل عليه أبو الليل وأخرجه ومن معه إلى الحي واستركب له من رجالات بنى كعب من أبلغه مأمنه وهداه السبيل إلى وطنه ودخل الفضل إلى الحضرة وقعد بمجلس آبائه من الخلافة وجدد ما طمسته بنو مرين من معالم الدولة واستمر أمره على ذلك إلى أن كان من أمره ما نذكر ان شاء الله تعالى {الخبر عن مهلك الفضل وبيعة أخيه المولى أبى اسحق في كفالة أبى محمد بن تافراكين وتحت استبداده}
(٣٦٣)