المؤمن ولما نزل على فاس اعتزم أبو حفص هذا على الفرار فتقبض عليه في طريقه واعتذر فلم يقبل عذره وقتل وكان ابنه أحمد كاتبا لإسحاق بن علي بمراكش فشمله عفو السلطان فيمن شمله من ذلك الغل وخرج في جملة الشيخ أبى حفص في وجهته هذه وطلبه للكتاب في ذلك فأجابه واستحسن كتابه عبد المؤمن لما وقف عليه فاستكتبه أولا ثم ارتفع عنده مكانه فاستوزروه وبعد في الدولة صيته وقاد العساكر وجمع الأموال وبذلها ونال من الرتبة عند السلطان ما لم ينله أحد في دولته إلى أن دبت السعاية إلى جهاده الوثير فكان فيها حتفه ونكبه الخليفة سنة ثلاث وخمسين وقتله بمحبسه حسبما هو مشهور ولما انصرف الشيخ أبو حفص من غزاة ماسة راح بمراكش أياما ثم خرج غازيا إلى القائمين بدعوة الماسي بجبال درن فأوقع باهل نفيس وهيلانة وأثخن فيهم بالقتل والسبي حتى أذعنوا بالطاعة ورجع ثم خرج إلى هسكورة وأوقع بهم وافتتح معاقلهم وحصونهم ثم نهض إلى سجلماسة فاستولى عليها ورجع إلى مراكش ثم خرج ثالثة إلى برغواطة فحاربوه مرة ثم هزموه واضطرمت نار الفتنة بالمغرب وانتقض أهل سبتة وأخرجوا يوسف بن مخلوف التينمللي وقتلوه ومن كان معه من الموحدين وأجاز القاضي عياض البحر إلى يحيى بن علي بن غانية المسوقي الوالي بالأندلس فلقيه وطلب منه واليا إلى سبتة فبعث معه يحيى بن أبي بكر الصحراوي الذي كان بفاس منذ منازلة عبد المؤمن لها وذكر أنه لحق بطنجة فأجاز البحر إلى الأندلس ولحق بابن غانية بقرطبة وصار في جملته وبعثه ابن غانية إلى سبتة مع القاضي عياض كما ذكرناه وقام بأمرها ووصل يده بالقبائل الناكثة لطاعة الموحدين من برغواطة ودكالة على حين هزيمتهم للموحدين كما ذكرناه ولحق بهم من مكانه لسبتة وخرج إليهم عبد المؤمن بن علي سنة ثنتين وأربعين فدوخ بلادهم واستأصل شأفتهم حتى انقادوا للطاعة وتبرؤا من يحيى الصحراوي ولمتونة ورجع إلى مراكش لستة أشهر من خروجه ووصلته المرعبة من مشيخة القبائل في يحيى الصحراوي فعفا عنه وصلحت أحوال المغرب وراجع أهل سبتة طاعتهم فتقبل منهم وكذلك أهل سلا فصفح لهم وأمر بهدم سورهم والله أعلم * (فتح الأندلس وشؤونها) * ثم صرف عبد المؤمن من قصره إلى الأندلس وكان من خبرها انه اتصل بالملثمين مقتل تاشفين ابن علي ومنازلة الموحدين مدينة فاس وكان علي بن عيسى بن ميمون قائد أسطولهم قد نزع طاعة لمتونة وامترى بجزيرة قادس فلحق بعبد المؤمن بمكانه من حصار فاس ودخل في دعوته وخطب له بجامع فاس أول خطبة خطبت لهم بالأندلس عام أربعين وخمسمائة وبعث أحمد بن قسى صاحب مرتلة ومقيم الدعوة بالأندلس أبا بكر بن حبيس
(٢٣٣)