أبيه بالحضرة في بعض شؤونه فلما هلك أبوه واستبد بنو زيان بعده بنوا السعايات فيه إلى السلطان بالحضرة وأنجحت وتقبض عليه واعتقل أيام السلطان أبى حفص ولما تغلب المولى أبو زكريا يحيى ابن الأمير أبى اسحق على بجاية وشطيت وبونة واستقل بأمرها وانقسمت دولة آل أبي حفص وفر منصور بن فضل بن علي من محبسه من تونس ولحق ببجاية بعد مهلك الحاجب القائم بالأمر أبى الحسين بن سيد الناس وتولية السلطان أبى زكريا مكانه كاتبه أبو القاسم بن أبي يحيى سنة احدى وتسعين وستمائة فلازم خدمته وخف عليه وصانعه بوجوه التحف وتضمن له تحويل الدعوة بالزاب لسلطانه وشريف أمواله وجبايته إليه واستماله بذلك فعقد له على الزاب وأمده بالعسكر فنازل بسكرة ووفد أهلها بنو زيان على السلطان ببجاية ببيعتهم فرجعهم على الاعقاب إلى عاملهم منصور وكتب إليه بقبول بيعتهم ودخل البلد سنة ثلاث وتسعين وكادهم في بناء القصر لشيعته وتحصن العسكر بسوره ثم نابذهم العهد وثار بهم فأجلاهم عن البلد واستمكن فيها ورسخت قدم امارته فيها واستدر جباية السلطان واتسع له نطاق العمالة فاستضاف إلى عمل الزاب جبل أوراس وقرى ريغه وبلد واركلى وقرى الحصنة مقرة ونقاوس والمسيلة فعقد له السلطان على جميعها ودفعه إلى مزاحمة العرب في جبايتها وانتهاش لحومها إذ كانوا قد غلبوا على سائر الضواحي فساهمهم في جبايتها حتى كاد يغلبهم عليها ووفر أموال الدولة وأنهى الخراج وصانع رجال السلطان فألقوا عليه بالمحبة وجذبوا بضبعه إلى أقصى مراتب الاصطناع فأثرى واحتجز الأموال ورسخت عروق رياسته ببسكرة ورسخت منابت عزه وهلك المولى أبو زكريا الأوسط على رأس المائة السابعة وولوا مكانه ابنه الأمير أبا البقاء خالدا كما قدمناه وقام بأمره صاحبه أبو عبد الرحمن بن عمرو وكان المنصور بن فضل هذا اختاص به واعتلاق بيد حاجبه فاستنام إليه وعول في سائر الضواحي من ممالك السلطان على نظره وعقد له على بلاد التل من أرض سدويكش وعياض فاستضافها إلى عمله وجرد عن ساعد كفايته في جبايتها فلقح عقيمها وتفجرت ينابيعها ثم حدثت بينه وبين الدولة منافرة وأجلب على قسنطينة بيحيى بن خالد ابن السلطان أبى اسحق حاجبه من تلمسان وبايع له واستألف الزواودة لمشايعته ونازل به قسنطينة ثم اطلع على مكامن عدوه فيه وما طوى عليه من التربص به فحل عقدته ولحق ببسكرة وراجع الطاعة ولحق يحيى بن خالد واعتقله إلى أن هلك سنة عشرين وكانت بينه وبين المرابطين أهل السنة من العرب أتباع سعادة المشهور الذكر فتن وحروب وطالبوه بترك المغارم والمكس تخفيفا على الرعية وعملا بالسنة التي كانوا ملتزمين لطريقها ونازلوه من أجل ذلك ببسكرة مرارا ثم هلك سعادة في بعض حروبه
(٤٠٧)