الود وأنفذ معه شيخ الموحدين ساسة أبا إسحاق بن أبي هلال وقد مر من قبل ذكر أخيه فتلقاهما ملك بن مقرب بوجوه المبرة والاحتفاء ورجعهما بالحديث الجميل عنه سنة ثلاث وسبعين ونزل الأمير أبو اسحق بقسنطينة دار امارته وعقد له السلطان عليها وألقاب الملك ورسومه مصروفة إليه والقائد بشير مولى أبيه مستبد عليه لمكان صغره إلى أن هلك بشير سنة ثمان وسبعين عندما استكمل الأمير أبو اسحق الحال واستجمع الامارة فجدد له السلطان عهده عليها وفوض إليه في امارتها فقام بما دفع إليه من ذلك أحسن قيام وأحواله تصدق الظنون وتومئ إليه وشهادة المخايل التي دلت عليه فاستقل هذان الأميران بعهد بجاية وقسنطينة وأعمالها مفوضا إليهما الامارة مأذونا لهما في اتخاذ الآلة وإقامة الرسوم الملوكية والشارة وكان الأمير أبو يحيى زكريا الأخ الكريم مستقلا أيضا ببونة وعملها منذ استيلائه عليها سنة قد أضافها السلطان وأصارها في سهمانه فلما ارتحلوا إلى إفريقية عام الفتح وتيقن الأخ أبو يحيى طول مغيبه واغتباط السلطان أخاه لكونه معه عقد عليها لابنه الأمير أبى عبد الله محمد وأنزله بقصره منها وفوض إليه في امارته لما استجمع من خلال التشريع والذكر الصالح في الدين واستمر الحال على ذلك لهذا العهد وهو سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة والله مدبر الأمور سبحانه * (الخبر عن فتح قفصة وتوزر وانتظام أعمال قسنطينة في طاعة السلطان) * كان أمر هذا الجريد قد صار شورى بين رؤساء أمصاره فيما قبل دولة السلطان أبى بكر لاعتقال الدولة حينئذ بانقسامها كما مر فلما استبد السلطان أبو بكر بالدعوة الحفصية وفرغ عن الشواغل صرف إليهم نظره وأوطأهم عساكره ثم نهض بنفسه فجاء اثر الشورى منها وعقد لابنه أبى العباس عليها كما قلناه فلما كان بعد مهلكه من اضطراب إفريقية وتغلب الاعراب على نواحيها ما كان منذ هزيمة السلطان أبى الحسن وتنازع رؤسائهم بعد أن كانوا سوقة في انتحال مذاهب الملك ومساربه يقتعدون الأرائك ويتفقدون في المشي بين السكك المراكب ويهيئون في إيوانهم سبال الاشراف ويتخذون الآلة أيام المشاهد آية للمعتبرين في تقلب الأيام وأضحوا كاهل الشامات حتى لقد حدثتهم أنفسهم بألقاب الخلافة وأقاموا على ذلك أحوالا والدولة في التياتها فلما استبد السلطان أبو العباس بإفريقية وعمالاتها وأتيح منه بالحضرة البازي المطل من مرقبه والأسد الخادر في عرينه وأصحاب الخلاف والنفاق يفتلون بذلك في عزائمه وأرخى هو لهم حبل الامهال وفسح لهم مجال الايناس بالمعاونة والوعد رجاء الفيئة إلى الطاعة المعروفة والاستقامة على الجادة فأصروا وازدادوا عنادا ونفاقا فشمر لهم عن
(٣٨٧)