حتى نزل من كان بها من النصارى على الأمان وحضر لذلك الوزير أبو حفص بن عطية بعد أن أمدهم ابن مودهشى الثائر بشرق الأندلس والطاغية معه وعجزوا جميعا عن المدافعة ثم وفد أشياخ إشبيلية سنة احدى وخمسين ورغبوا من عبد المؤمن ولاية بعض أبنائه عليهم فعقد لابنه السيد أبى يعقوب عليها وافتتح أمره بمنازلة على الوسيني الثائر بطلبيرة ومعه الوزير أبو حفص بن عطية حتى استقام على الطاعة ثم استولى على عمل ابن وزير وابن قيسي واستنزل تاشفين اللمتوني من تلة سنة ثنتين وخمسين وكان الذي أمكن الملثمين منها ابن قيسي واستتم الفتح ورجع السيد إلى إشبيلية وانصرف أبو حفص بن عطية إلى مراكش فكانت فيها نكبته ومقتله واستوزر عبد المؤمن من بعده عبد السلام الكومي كان يمت إليه بذمة صهر فلم يزل على وزارته والله أعلم * (بقية فتح إفريقية) * لما بلغ عبد المؤمن سنة ثلاث وخمسين ما كان من ايقاع الطاغية بابنه السيد أبى يعقوب بظاهر إشبيلية ومن استشهد من أشياخ الموحدين وحفاظهم ومن الثوار مثل ابن عزرون وابن الحجام نهض يريد الجهاد واحتل بسلا فبلغه انتقاض إفريقية وأهمه شأن النصارى بالمهدية فلما توافت العساكر بسلا استخلف الشيخ أبا حفص على المغرب وعقد ليوسف بن سليمان على مدينة فاس ونهض يغذ السير حتى نزل المهدية وبها من نصارى أهل صقلية فافتتحها صلحا سنة خمس وخمسين واستنقذ جميع البلاد الساحلية مثل صفاقس وطرابلس من أيدي العدو وبعث ابنه عبد الله من مكان حصاره للمهدية إلى قابس فاستخلصها من يد بنى كامل المتغلبين عليها من دهمان بعض بطون رياح واستخلص قفصة من يد بنى الورد وورغة من يد بنى بروكسن وطبرية من يد ابن علال وجبل زغوان من يد بنى حماد بن خلفة وسقتبارية من يد بنى عباد ومدينة الأربع من يد من ملكها من العرب حسبما بلغه أن الاعراب وهؤلاء الثوار في دولة صنهاجة ولما استكمل الفتح وثنى عنانة إلى المغرب وخمسين بلغه أن الاعراب بإفريقية انتقضوا عليه فرجع إليهم عسكر من الموحدين فنهضوا إلى القيروان وأوقعوا بالعرب وقتل كبيرهم عزر بن زياد الفارغي من بنى على أحد بطون رياح والله تعالى أعلم * (أخبار ابن مردنيش الثائر بشرق الأندلس) * كان بلغ عبد المؤمن وهو بإفريقية أن محمد بن مردنيش الثائر بشرق الأندلس خرج من مرسية ونزل جيان وأطاعه واليها محمد بن علي الكومي ثم نازل بعدها قرطبة ورحل منها وغدر بقرمونة وملكها ثم رجع إلى قرطبة وخرج ابن بكيت لحربه فهزمه وقتله
(٢٣٧)