بجاية زاحفا إلى الدعي واستخلف عليه أخاه الأمير أبا زكريا وخرج معه الأمير أبو حفص وأخواه فكان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن زحف الأمير أبى فارس للقاء الدعي ثم انهزامه امامه واستلحامه واخوته في المعركة وما كان اثر ذلك من مهلك أبيهم السلطان أبى اسحق وفرار أخيهم الأمير أبى زكريا إلى تلمسان} لما بلغ الخبر إلى الدعي باستبداد الأمير أبى فارس على أبيه واستعداده للقائه تقبض على أهل البيت الحفصي فاعتقلهم بعد أن هم بقتلهم وخرج من تونس في عساكر من الموحدين وطبقاتهم الجند في صفر سنة ثنتين وثمانين فانتهى إلى مرماجنة وتراءى الجمعان ثالث ربيع الأول فاقتتلوا عامة يومهم ثم اختل مصاف الأمير أبى فارس وتخاذل أنصاره فقتل في المعركة وانتهب معسكره وقتل اخوته صبرا عبد الواحد قتله الدعي بيده وعمر وخالد وأبو محمد بن عبد الواحد وبعث برؤوسهم إلى تونس فطيف بها على الرماح ونصبت بأسوار البلد وتخلص عمه الأمير أبو حفص من الواقعة إلى أن كان من أمره ما نذكر وبلغ خبر الواقعة إلى بجاية فاضطرب أهلها وماج بعضهم في بعض وخرج السلطان أبو اسحق وابنه الأمير أبو زكريا إلى تلمسان فقدم أهل بجاية عليهم محمد ابن السيد قائما فيهم بطاعة الدعي وخرج في أثناء السلطان فأدركه بجبل بنى غبرين من زواوة فتقبض عليه ونجا الأمير أبو زكريا إلى تلمسان وبقي السلطان أبو اسحق ببجاية معتقلا ريثما بلغ الخبر إلى تونس وأرسل الدعي محمد بن عيسى بن داود فقتله آخر ربيع الأول سنة ثنتين وانفض أمره ولله عاقبة الأمور لا رب غيره ولا معبود سواه قد ذكرنا أن الأمير أبا حفص حضر واقعة بنى أخيه مع الدعي بمرماجنة فخلص من المعركة راجلا ونجا إلى قلعة سنان معقل هوارة القريب من مكان الملحمة ولاذ به في ذهابه إلى منجاته ثلاثة من صنائعهم أبو الحسن بن أبي بكر بن سيد الناس ومحمد بن القاسم بن إدريس الفازازى ومحمد بن أبي بكر بن خلدون وهو جد المؤلف الأقرب وربما كانوا يتناقلونه على ظهورهم إذا أصابه الكلال ولما نجا إلى قلعة سنان تحدث به الناس وشاع خبر منجاته إليها وكان الدعي قد أشف العرب وثقلت وطأته عليهم بما كان يسئ والملكة فيهم فليوم دخوله شكا إليه الناس عيثهم فتقبض على ثلاثة منهم وقتلهم وصلبهم ثم سرح شيخ الموحدين عبد الحق ابن تافراكين لحسم عللهم وأوعز إليه بالاثخان فيهم فاستلحم من لقى منهم ثم تقبض على مشايخ بنى علال وأودع سجونه منهم نحوا من الثمانين فساء أثره فيهم وتطلبوا أعياص
(٣٠٤)