عنه ويقال انه أفضى إليه بذات صدره من نكبته ولما انقسمت خطط الدولة من الحرب والتدبير ومخالصة السلطان وتنفيذ أوامره بين ابن عبد العزيز الحاجب وابن الحكيم القائد كان له هو القدح المعلى في المشورة والتدبير وكانوا يرجعون إليه ويعولون على رأيه وكان ثالث أنا فيهم ومصقلة آرائهم ولما ذهب الحاجب ابن عبد العزيز إلى السلطان زعموا بين يدي مهلكه بالتحذير من ابن الحكيم وسوء دخلته وأنه فاوضه أيام نزول العرب عليه بساح تونس سنة ثنتين وأربعين كما قدمناه في الإدالة من السلطان ببعض من بنى أبى دبوس كانوا معتقلين بالحضرة ألقاها الغدر على لسانه ضجوا من قعود السلطان عن الخروج بنفسه إلى العرب وسآمة ما هو فيه من الحصار واعتدها عليه ابن عبد العزيز حتى ألقاها إلى السلطان عند موته وبرئ منها إليه فأودعها اذنا واعية وكان حتف ابن الحكيم ولما هلك وولى شيخ الموحدين أبو محمد بن تافراكين فاوضه في نكبة ابن الحكيم وكان يتربص به لما كان بينهما من المنافسة وكان ابن الحكيم غائبا عن الحضرة في تدويخ القاصية وقد نازل جبل أوراس فاقتحمه واقتضى مغارمه وتوغل في أرض الزاب واستوفى جبايته من عامله يوسف بن منصور وتقدم إلى ريغة ونازل تغرت واقتحمها وامتلأت أيدي العساكر من مكاسبهم وخيلهم واتصل به خبر مهلك ابن عبد العزيز وولاية أبى محمد بن تافراكين الحجابة فنكر ذلك لما كان يظن أن السلطان لا يعدل بها عنه وكان يرشح له كاتبه أبا القاسم وإزار ويرى أن ابن عبد العزيز قبله لم يتميز بها ايثارا عليه فبدا له ما لم يحتسبه فظن الظنون وجمع أصحابه وأغذ السير إلى الحضرة وقد آمر السلطان أبا محمد بن تافراكين في نكبته وأعد البطانة للقبض عليه وقدم على الحضرة منتصف ربيع من سنة أربع وأربعين وجلس له السلطان جلوسا فخما فعرض عليه هديته من المقربات والرقيق والانعام حتى إذا انفض المجلس وشيع السلطان وزراؤه وانتهى إلى بابه أشار إلى البطانة فلحقوا به ونقلوه إلى محبسه وبسط عليه العذاب لاستخراج الأموال فأخرجها من مكان احتجابها وحصل منها في مودع السلطان أربعمائة ألف من الذهب العين أو مثالها أو ما يقاربها قيمة من الجوهر والعقار إلى أن استصفى ولما افتك عظمه ونفد ماله حنق بمحبسه في رجب من سنته وذهب مثلا في الأيام وغرب ولده مع أمه إلى المشرق وطوح بهم الاغتراب إلى أن هلك منهم من هلك ورجع الحضرة على عبيد منهم في آخرين من أصاغرهم بعد أيام وأحوال والله يحكم لا معقب لحكمه * (الخبر عن شان الجريد واستكمال فتحه وولاية أحمد بن مكي على جزيرة جربة) * كان أمر الجريد قد صار إلى الشورى منذ شغلت الدولة بمطالبة زناتة بنى عبد الواد
(٣٥٠)