مرضاتهم فسكنت نفوسهم وأنسوا بولاية ابن مولاهم وجاءت الأمور إلى مصايرها كما نذكره بعد أن شاء الله تعالى والله ولى التوفيق * (الخبر عن مهلك مولانا السلطان أبى بكر وولاية ابنه الأمير أبى حفص) * بينما الناس في غفلة من الدهر وظل ظليل من العيش وأمن من الخطوب وتحت سرادق من العز وذمة وافية من العدل اذريع بالسرف وتكدر الشرق وتقلصت ظلال العز والأمن وتعطل فناء الملك ونعى السلطان أبو بكر بتونس فجأة من جوف الليل ليلة الأربعاء ثاني رجب من سنة سبع وأربعين وسبعمائة فهب الناس من مضاجعهم متسايلين إلى القصر يستمعون نباءات النعي وأطافوا به سائر ليلتهم تراهم سكارى وما هم بسكارى وبادر الأمير أبو حفص عمر من داره إلى القصر فملكه وضبط أبوابه واستدعى الحاجب أبا محمد بن تافراكين من داره ودعوا المشيخة من الموحدين والموالي وطبقات الجند وأخذ الحاجب عليهم البيعة للأمير أبى حفص ثم جلس من الغد جلوسا فخما على الترتيب المعروف في الدولة أحكمه الحاجب أبو محمد لمعرفته لعوائدها وقوانين ترتيبها تلقنه عن أشياخه وانفض المجلس وقد انعقدت بيعته وأحكمت خلافته وكان الأمير خالد ابن مولانا السلطان مقيما بالحضرة قدمها رائدا منذ أشهر وأقام متهنأ من الزيارة فلما سمع النعي فر من ليلته وتقبض عليه أولاد منديل من الكعوب وردوه إلى الحضرة فاعتقل بها وقام أبوه محمد بن تافراكين بخطة الحجابة كما كان وزيادة تفويض واستبداد إلى أن كان بطانة السلطان يكثرون السعاية فيه ويوغرون صدره عليه يذكرون منافساته ومنافسة سابقة بين الحاجب والأمير أبا م أبيه واتصل ذلك منهم حطا لمكانه وانذر الحاجب بذلك منهم فأعمل الحيلة في الخلاص من صحابتهم كما يذكر بعد اه والله تعالى أعلم {الخبر عن زحف الأمير أبى العباس ولى العهد من مكان امارته بالجريد إلى الحضرة وما كان من مقتله مقتل أخويه الأميرين أبى فارس عزوز وأبى البقاء خالد} كان السلطان أبو بكر قد عهد إلى ابنه الأمير أبى العباس صاحب أعمال الجريد كما ذكرناه سنة ثلاث وأربعين فلما بلغه خبر مهلك أبيه وما كان من بيعة أخيه حقد على أهل الحضرة ما جاؤوا به من نقض عهده ودعا العرب إلى مظاهرة أمره فأجابوه ونزعوا جميعا إلى طاعته عن طاعة أخيه بما كان مرهفا لحده في الاستبداد والضرب على أيدي أهل الدولة من العرب وسواهم وزحف إلى الحضرة ولقيه أخوه أبو فارس صاحب عمل
(٣٥٥)