ثم كثروا وتسايلوا وأخذوا مع أهل بسكرة بحظ وافر من ملك القفار والمياه ثم انتقلوا إلى البلد واستمتعوا منها بالمنزل والظلال وقاسموا أهلها في الحلو والمر وانتظم كبارهم في أرباب الشورى من المشيخة ثم استنكف بنو زيان من انتظامهم معهم وحسدوهم على ما آتاهم الله من فضله وحذروهم من أنفسهم فاضطرمت بينهم نار العداوة والإحن وكان أولها الكلام والترافع إلى سدة السلطان بتونس على حين استقلال أبى حفص بإفريقية ولعهد الأمير أبى زكريا وابنه السلطان المنتصر ثم تناجزوا الحرب وتواقعوا بسكك المدينة وكانت صاغية الدولة مع بنى زيان لقيهم في البلد ولما خرج الأمير أبو اسحق على أخيه محمد المنتصر لأول بيعته ولحق بالزواودة من العرب وبايع له موسى بن محمد بن مسعود البلط أمير البدو يومئذ واعتمر به بسكرة وبلاد الزاب وأناخ عليها بكلكله كما قدمناه قام يومئذ فضل بن علي بن أحمد بن الحسن بن علي بن مزنى بدعوته وأعلن من أهل البلد بطاعته واتبعوه على كثرة ثم عاجلتهم عساكر السلطان وأجهضهم على الزاب فاعتلق فضل بن علي واستمسك بذيله وصحبه في طريقه إلى الأندلس وبدار غربته منها إلى أن هلك المنتصر أخوه وهيأ الله له من أمر الخلافة ما هيأ حسبما ذكرناه ولما تم أمره واقتعد بتونس كرسي خلافته عقد لفضل بن علي على الزاب ولأخيه عبد الواحد على بلاد الجريد رعيا لا ذمة خدمتهما وذكرا لايلافهما في المنزل الخشن وصحبتهما فقدم راعيا على الزاب ودخل بسكرة واستكان بنو زيان لصولته وانقادوا في مرضاة الدولة إلى أمره فلم ينبسوا بكلمة في شأنه واضطلع بتلك الولاية ما شاء الله ثم كان شأن الداعي بن أبي عمارة وتلبسه وهلك السلطان أبو اسحق على يده ثم ثأر منه السلطان أبو حفص بأخيه واسترجع ما ضاع من ملكهم وكان يثق بعنايته ويعول في أمر الزاب على كفايته وسما أعداؤه بنو زيان أيام ولايته فداخلوا أولاد حر من لطيف احدى بطون الأثابج كانوا نزلوا بقرية باشاش لضيق المدينة حين عجزوا عن الظعن وخالطوا أهل البلد في أحوالهم وامتزجوا معهم بالنسب والصهر فأغروهم بفضل بن علي أن يكون التقدم لهم في الفتك به وتتأول الامر من يده وان يخربوا بيوتهم من قرية باشاش ليسكنوا إليهم ويطمئنوا إلى ولايتهم حلفا عقدوه على المكر بهم ولما أوقعوا به بظاهر البلد في بعض أيام ركوبه سنة ثلاث وثمانين وتولوا من أمر الزاب ما كان يتولاه تنكر لهم بنو زيان لحولين من ذلك الحلف ونابذوهم العهد فخرجوا عن البلد وفقدوا مالهم بها من قريب وتفرقوا في بلاد ريغة واستبد بنو زيان بشورى بسكرة والزاب منتقض عليهم وعلى السلطان والزواودة قد تغلبوا عليه وعلى بلاد الحضينة من ورائه نقلوس ومقرة والمسيلة وكان منصور بن فضل بن علي عند مهلك
(٤٠٦)