أبو العباس بن مكي وسارت العساكر لطلب الأمير أبى حفص فأدركوه بأرض الحامة من جهات قابس وصبحوهم فدافعوا عن أنفسهم بعض الشئ ثم انفضوا وكبا بالأمير أبى حفص جواده في بعض نافقاء اليرابيع وانجلت الغيابات عنه وعن مولاه ظافر راجلين فتقبض عليهما وأوثقهما قائد الكتائب بيده حتى إذا جن الليل وتوقع أن يفلتهما العرب من إساره قبل أن يصل بهما إلى مولاه فذبحهما وبعث برؤسهما إلى السلطان أبى الحسن فوصلا إليه بباجة وخلص الفل من الواقعة إلى قابس فتقبض عبد الملك بن مكي على رجالات من أهل الدولة كان فيهم أبو القاسم بن عتو من مشيخة الموحدين وصخر بن موسى من رجالات سدويكش وغيرهما من أعيان الدولة فبعث بهم ابن مكي إلى السلطان فأما ابن عتو وصخر بن موسى وعلي بن منصور فقطعهم من خلاف واعتقل الباقي وسبقت العساكر إلى تونس ثم جاء السلطان على أثرهم ودخل الحضرة في الزي والاحتفال في جمادى الأخيرة من سنته وخفتت الأصوات وسكنت الدهماء وانقبضت أيدي أهل الفساد وانقرض أمر الموحدين الا أذيالا في بونة فإنه عقد عليها للمولى الفضل ابن مولانا أبى بكر لمكان صهره ووفادته عليه بين يدي مهلك أبيه ثم ارتحل السلطان إلى القيروان ثم إلى سوسة والمهدية وتطوف على المعالم التي بها ووقف على آثار ملوك الشيعة وصنهاجة في مصانعها ومبانيها والتمس البركة في زيارة القبور التي تذكر للصحابة والسلف من التابعين والأولياء في ساحتها وقفل إلى تونس فدخلها آخر شعبان والله تعالى أعلم * (الخبر عن ولاية الأمير أبى العباس الفضل على بونة وأولية ذلك ومصايره) * كان السلطان أبو الحسن قد أصهر إلى السلطان أبى بكر قبيل مهلكه في احدى كرائمه وأوفد عليه في ذلك عريف بن يحيى كبير بنى سويد من زغبة وصاحب شواره وخالصة سره مع وفد من رجالات دولته في طبقات الفقهاء والكتاب والموالي كان فيهم صاحب الفتيا بمجلسه أبو عبد الله السطي وكاتب دولته أبو الفضل عبد الله بن أبي مدين وأمير الحرم عنبر الخصى فأسعفه السلطان وعقد له على حظيته عزونة بتقة ابنة الفضل وزفها إليه بين يدي مهلكه مع أخيها الفضل ومعه أبو محمد عبد الواحد بن الجماز من مشيخة الموحدين وأدركهم الخبر بمهلك السلطان في طريقهم فلما قدموا على السلطان أبى الحسن تقبلهم بقبول حسن ورفع مجلس الفضل واستتب له ملكها فأعرض عن ذكر ذلك إلا أنه رعى له ذمة الصهر وسابقة الوعد فأسعفه بالعقد على بونة مكان عمله منذ أيام أبيه وأنزله بها عندما رحل عنها إلى تونس وانقمع المولى الفضل من ذلك حقدا لما يرجوه من تجافيهم له عن ملك آبائه لحق وفادته وصهره وأقام بمكان عمله منها يؤمل الكر
(٣٥٨)