غائلة السلطان وسوء مغبة العصيان فبعثوا إلى السلطان بطاعتهم وشرط عليهم نزول عامله عندهم وهذا آخر ما بلغنا عنهم والله مصرف الأمور بحكمته * (ولاية عمر ابن السلطان على سفاقس واستيلاؤه منها على قابس وجزيرة جربة) * هذا الأمير عمر ابن السلطان هو شقيق إبراهيم الذي كان أميرا بقسنطينة وكان في كفالة أخيه إبراهيم فلما توفى كما مر لحق بالسلطان ابنه وأقام عنده ولما كان من وفاة أبى بكر ابن ثابت شيخ طرابلس ما قدمناه واضطرب قومه من بعده ونزع قائدهم ورئيسهم ابن خلف إلى السلطان فبعث معه ابنه عمر هذا سنة ثنتين وتسعين لحصار طرابلس وأقام عليها حولا كريتا يحاصرها ويمنع الأقوات عنها حتى ضجروا وضجر من طول المقامة فدافعوه بالضريبة وانكفأ راجعا إلى أبيه سنة خمس وتسعين ووافاه حائما على قفصة عندما انتقضوا عليه وقد مر في طريقه على جربة وأراد الدخول إليها فمنعه عامل أبيه بها من الموالى المعلوجين فأنف من ذلك وشكاه إلى أبيه فولاه على سفاقس ووعده بولاية جربة فسار هو إلى سفاقس وأجاز البحر إلى جزيرة جربة وانضم إليه جميع من بها من القبائل وامتنع منصور العامل بحصنها المسمى بالقشتيل بلسان الفرنج حتى كاتب السلطان فأمره بتمكين ابنه من الحصن والافراج له عن الجزيرة أجمع فاستبد بها ثم إن الأمير عمر سما إلى ملك قابس فداخل أهل الحامة في ذلك فأجابوه وساروا معه بجموعهم سنة ست وتسعين فبيتها وملكها وقبض على رئيسها يحيى بن عبد الملك مكي فضرب عنقه وانقرض أمر بنى مكي من قابس واستقل بها الأمير عمر مضافة إلى ما كان بيده والله وارث الأمور * (وفاة السلطان أبى العباس وولاية ابنه أبى فارس عزوز) * كان السلطان أبو العباس أزمن به وجع النقرس حتى كان في غالب أسفاره يحمل على البغال في المحفة ثم اشتد به آخر عمره وأشرف في سنة ست وتسعين على الهلكة وكان أخوه زكريا رديفه في الملك والمرشح بعده للامر وابنه محمد واليا على بونة فوضع امارته من قبل وكان للسلطان أولاد كثيرون يتطاولون على أبيهم ويغصون بعمهم زكريا ويخشون غائلته بعد أبيهم فلما قارب السلطان منيته اشتد جزعهم واشفاقهم من عمهم وبعث السلطان كبيرهم أبا بكر بعهده على قسنطينة فسار إليهم بين يدي موته واعصوصب الباقون على كبيرهم بعده إلى أبي فارس عزوز فقبضوا على عمهم زكريا وقد دخل يعود أخاه وأودعوه في بعض الحجر ووكلوا به وهلك السلطان لثلاث بعدها فبايعوا أخاهم أبا فارس رابع شعبان سنة ست وثمانين وجاء أهل البلد إلى بيعته
(٤٠٢)