سليم ثم ارتحل إلى القيروان وارتحل منها يريد قابس وقد استكمل التعبية وبادر إلى لقيه والاخذ بطاعته مشيخة ذياب أعراب من بنى سلم ووفد منهم خالد بن سباع بن يعقوب شيخ المحاميد وابن عمه علي بن راشد فيمن إليهم يستحثونه إلى منازلة قابس فأغذ السير إليها وقدم رسله بين يديه بالاعذار لابن مكي وانتهوا إليه فرجعهم بالإنابة والانقياد إلى الطاعة ثم احتمل رواحله وعبى ذخائره وخرج من البلد ونزل على أحياء ذياب هو وابنه يحيى وحافده عبد الوهاب ابن ابنه مكي مالك لها منذ سنين من قبل واتصل الخبر بالسلطان فبادر إلى البلد ودخلها في ذي القعدة من سنته واستولى على منازل ابن مكي وقصوره ولا ذاهل البلد بطاعته وولى عليها من حاشيته وكان أبو بكر بن ثابت صاحب طرابلس قد بعث إلى السلطان بالطاعة والانحياش ووافته رسله دون قابس فلما استكمل فتحها بعث إليه من حاشيته لاقتضاء ذلك فرجعهم بالطاعة وأقام عبد الملك بن مكي بعد خروجه من قابس بين أحياء العرب ليالي قلائل ثم بغته الموت فهلك ولحق ابنه وحافده بطرابلس فمنعهم ابن ثابت الدخول إليه فنزلوا بزنزور من قراها في كفالة الجواري من بطون ذياب ولما استكمل السلطان الفتح وشؤونه انكفأ راجعا إلى الحضرة فدخلها فاتح ثنتين وثمانين ولحق إليه رسوله من طرابلس بهدية ابن ثابت من الرقيق والمتاع بما فيه الوفاء بمغارمه بزعمه ووفد عليه بعد استقراره بالحضرة رسل أولاد أبى الليل متطارحين في العفو عنهم والقبول عليهم فأجابهم إلى ذلك ووفد صولة بن خالد شيخهم وقبله أبو صعنونة شيخ حكيم ورهنوا أبناءهم على الوفاء واستقاموا على الطاعة واتصل النجح والظهور والامر على ذلك لهذا العهد وهو فاتح ثلاث وثمانين وسبعمائة والله مالك الأمور لا رب غيره * (الخبر عن استقامة ابن مزنى وانقياده وما اكتنف ذلك من الأحوال) * كان هؤلاء الرؤساء المستبدون بالجريد بالزاب منذ فرغ السلطان لهم من الشواغل واسترابوا لمغبة حالهم معه ومراوغتهم له بالطاعة يرون استحداث الشواغل ويؤملون لها سلطان تلمسان لعهدهم أبا حمو الأخير وأنه يأخذ بحجزته عنهم ان وصلوا به أيديهم واستحثوه لذلك لايلافهم مثلها من سلف قومه وأبى حمو بن تاشفين من قبله قياسا متورطا في الغلط بعيدا من الإصابة لما نزل بسلطان بنى عبد الواد في هذه العصور من الضعف والزمانة وما أصاب قومهم من الشتات بأيديهم وأيدي عدوهم وتقدمهم في هذا الشأن أحمد بن مزنى صاحب بسكرة لقرب جواره واشتهار مثلها من سلفه فاتبعوه وقلدوه وغطى هواهم جميعا على بصيرتهم وقارن ذلك نزول الأمير أبى زيان ابن السلطان أبى سعيد عم أبى حمو على ابن يملول بتوزر عند منادمة سالم
(٣٩٢)