موسى بن زغلى في قومه بنى يزيد وتحصنوا في جبال زواوة المطلة على وطن حمزة وبعث إليه رسله لاقتضاء طاعته فأوثقهم كتافا وكان فيهم يحيى حافد أبى محمد صالح نزع عن السلطان أبى العباس إلى أبي حمو وكان عينا على غزاة أبى الليل هذا لما بينهما من الولاء والجوار والوطن وجاء في وفد الوفادة عن أبي حمو فتقبض عليهم وعليه فقتله وبعث برأسه إلى بجاية وامتنع على أبي حمو وعساكره فأجلبوا إلى بجاية ونزل معسكره بساحتها وقاتلها أياما وجمع الفعلة على الآلات في الحصار وكان السلطان أبو العباس بالبلد وعسكره مع مولاه بشير بتكرارت ومعهم أبو زيان بن عثمان بن عبد الرحمن وهو عم أبى حمو من أعياص بيتهم وكان من خبره أنه كان خرج من المغرب كما نذكره في أخباره ونزل على السلطان أبى اسحق بالحضرة ورعى له أبو محمد الحاجب حق بعثه فأوسع في كرامته ولما غلب الأمير أبو عبد الله على تدلس بعث إليه من تونس ليوليه عليها وتكون ردأ بينه وبين حمو ويتفرغ هو للاجلاب على وطن قسنطينة فبادر إلى الإجابة وخرج من تونس ومر السلطان أبو العباس بمكانه من قسنطينة فصدر على سبيله واعتقاله عنده مكرما فلما غلب على بجاية وبلغه الخبر بزحف أبى حمو أطلقه من اعتقاله ذلك واستبلغ في تكرمته وحبائه ونصبه للملك وجهز له بعض الآلة وخرج في معسكره مولاه بشير ليجأجئ به بنى عبد الواد عن ابن عمه أبى حمو لما سئموا من ملكه وعنفه وكان زغبة عرب المغرب الأوسط في معسكره أبى حمو وكان على حذر من مغبة أمره معهم فراسلوا أبا زيان وائتمروا بينهم في الارجاف بالمعسكر ثم تحينوا لذلك ان شب الحرب بين أهل البلد وأهل المعسكر فأجفلوا خامس ذي الحجة وانفض بالمعسكر وانتحوا إلى مضايق الطرقات بساح البلد فكظت بزحامهم وتراكموا عليها فهلك الكثير منهم وخلفوا من الاثقال والعيال والسلاح والكراع مالا يحيط به الوصف وأسلم أبو حمو عياله وأمواله فصارت نهبا واجتلبت حظاياه إلى السلطان فوهبها لابن عمه ونجا أبو حمو بنفسه بعد أن طاح في كظيظ الزحام فؤاده فنزل له وزيره عمران بن موسى عن مركوبه فكان نجاؤه عليه ونزل بالجزائر ولحق بمنها بتلمسان واتبع أبو زيان اثره واضطرب المغرب الأوسط كما نذكره في اخباره وخرج السلطان أبو العباس من بجاية على اثر هذه الواقعة فنازل تدلس وافتتحها وغلب عليها من كان بها من عمال بنى عبد الواد وانتظمت الثغور الغربية كلها في ملكه كما كانت في ملك جده الأمير أبى زكريا الأوسط حين قسم الدعوة الحفصية بها إلى أن كان ما نذكره بعده ان شاء الله تعالى * (الخبر عن زحف العساكر إلى تونس) *
(٣٨٠)