ايقاعهم بعساكره أحاطوا بالقيروان واشتدوا في حصارها وداخل السلطان وأولاد مهلهل من الكعوب وحكيما من بنى سليم في الافراج عنه واشترط لهم على ذلك الأموال واختلف رأى العرب لذلك ودخل عليه قتيبة بن حمزة بمكانه من القيروان زعما بالطاعة فتقبله وأطلق اخويه خالدا وأحمد ولم يثق إليهم ثم جاء إليه محمد بن طالب من أولاد مهلهل وخليفة بن أبي زيد وأبو الهول بن يعقوب من أولاد القوس وأسرى معهم بعسكره إلى سوسة فصبحها وركب منها في أساطيله إلى تونس وسبق الخبر إلى ابن تافراكين بتونس فتسلل من أصحابه وركب السفينة إلى الإسكندرية في ربيع سنة تسع وأربعين وأصبحوا وقد فقدوه فاضطربوا وأجفلوا عن تونس وخرج أهل القصبة من أولياء السلطان فملكوها وخربوا منازل الحاشية فيها ونزل السلطان بها من أسطوله في ربيع الأخير فاستقلت قدمه من العثار ورجا الكرة لولا ما قطع أسبابها عنه مما كان من انتزاء أبنائه بالمغرب على ما نذكره في أخبارهم وأجلب العرب وابن أبي دبوس معهم على الحضرة ونازلوا بها السلطان فامتنعت عليهم فرجعوا إلى مهادنتهم فعقد لهما السلم ودخل حمزة بن عمر إليه وافدا فحبسه إلى أن تقبض على ابن أبي دبوس وأمكنه منه فلم يزل في محبسه إلى أن رحل إلى المغرب ولحق هو بالأندلس كما نذكره في أخباره وأقام السلطان بتونس ووفد عليه أحمد بن مكي فعقد لعبد الواحد بن اللحياني على الثغور الشرقية طرابلس وقابس وصفاقس وجربة وسرحه مع ابن مكي فهلك عند وصوله إليه في الطاعون الجارف وعقد لابي القاسم بن عتو من مشيخة الموحدين وهو الذي كان قطعه باغراء أبى محمد بن تافراكين فلما ظهر خلافه أعاد ابن عتو إلى مكانه وعقد له على بلاد قسطيلة وسرحه إليها وأقام هو بتونس إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى {الخبر عن استيلاء الأمير الفضل على قسنطينة وبجاية ثم استيلاء أمرائهما بتمهيد الملك} كان سنن السلطان أبى الحسن في دولته بالمغرب وفود العمال عليه آخر كل سنة لايراد جبايتهم والمحاسبة على أعمالهم فوفدوا عليه عامهم ذلك من قاصية المغرب ووافاهم خبر الواقعة بقسنطينة وكان معهم ابن مزنى عامل الزاب وفد أيضا بجبايته وهديته وكان معهم ابن عمه تاشفين ابن السلطان أبى الحسن كان أسيرا من يوم واقعة طريف ووقعت المهادنة بين الطاغية وبين أبيه فأطلقه وأوفد معه جمعا من بطارقته وقدموا معه على أبيه ووفد معه أخوه عبد الله من المغرب وان أيضا معهم وفد السودان من أهل مالي في غرض السفارة واجتمعوا كلهم بقسنطينة فلما اتصل بهم خبر الواقعة على السلطان كثر الاضطراب وتطلبت السفهاء من الغوغاء إلى ما بأيديهم
(٣٦١)