السلطان المنتصر ولما ولى السلطان الواثق استبد ابن أبي الحسن عليه كما قلناه فأبقاه على خطته واختصه لنفسه ودرجه في جملته ثم جاءت دولة السلطان أبى اسحق فأقامه في رسمه وزاحمه بأبي بكر بن خلدون صاحب اشغاله وكانت الرياسة الكبرى على عهده لبنيه أبى فارس ثم أبى زكريا عبد المؤمن من بعده ثم كانت قضية الدعي فاستولى على ملكهم فاستخلص أبا القاسم بن الشيخ واستضاف له إلى خطة الشفير كتاب العلامة في فواتح السجلات فلما ارتجع للسلطان أبى حفص ملكه وقتل الدعي خافه ابن الشيخ لما كان من رتبته عند الدعي فلاذ بالصلحاء لامارة من الخير والعبادة وصلت بينهم وبينه فشفعوا له وتقبلها السلطان وأظهر لهم ذات نفسه في الحاجة إلى استعماله وقلده حجابته مجموعة إلى تنفيذ كتاب العلامة في فواتح السجلات فلما ارتجع السلطان أبو حفص ملكه وقتل الخارج وصرف العلامة إلى غيره من طبقة الدولة فلم يزل على ذلك إلى أن هلك سنة أربع وتسعين وبقي اسم الحجابة من بعده في هذه الخطط الثلاثة وأمر التدبير والحرب ورياستهما راجع إلى مشيخة الموحدين إلى أن تصرمت الأحوال وأديل بعضها من بعض كما يأتيك أثناء الاخبار وقلد السلطان من بعد ابن الشيخ حجابته لابي عبد الله المحبى من طبقة الخير فقام بها إلى آخر الدولة والله وارث الأرض ومن عليها * (الخبر عن مهلك السلطان أبى حفص وعهده بالأمر من بعده) * لم يزل السلطان أبو حفص على أكمل حالات الظهور والدعة إلى أن استوفى مدنه وأصابه وجع أول ذي الحجة من سنة أربع وتسعين ثم اشتد به الوجع وأهمه أمر المسلمين وما قلده من عدتهم فعهد لابنه عبد الله بالخلافة ثاني أيام التشريق ونكره الموحدون لتخلفه عن المراتب لصغره وانه لم يحتلم وتحدثوا في ذلك وأفضى الخبر إلى السلطان فأسخطه وعدل عنهم إلى الشورى مع الولي أبى محمد المرجاني وكان رأيه فيه جميلا وظنه به صالحا وكان الواثق بن المستنصر لما قتل هو وبنوه بمحبسهم فرت احدى جواريه وقد اشتملت على حمل منه إلى رباط هذا الولي فوضعته في بيته فسماه الشيخ محمدا وعق عليه وأطعم الفقراء يومئذ عصيدة الحنطة فلقب بأبي عصيدة إلى آخر الدهر ثم صار بعد الاختفاء ودواعيه إلى قصورهم ونشأ في ظل الخلفاء من قومه حيث شب وبقيت له مع الولي أبى محمد ذمة يثابر كل منها على الوفاء بها فلما فاوضه السلطان أبو حفص في شأن العهد وقص نكير الموحدين لولده أشار عليه الشيخ بصرف العهد إلى محمد بن الواثق فتقبل إشارته وعلم ترشيحه وأنفذ بذلك عهده بمحضر الملا ومشيخة الموحدين وهلك آخر ذي الحجة سنة أربع وتسعين والى الله المصير اه
(٣١١)