شاطئة البحر وكانوا فيما قيل سبعين أسطولا من غربان وشوانى وضايقهم مرارا ثم تغلبوا عليها فانتهبوا أموالها وحملوا أهلها أسرا وسبيا فقيل انهم بلغوا ثمانية آلاف بعد أن رموا بالرضف في الجبوب فكانت هذه الواقعة من أشجى الوقائع للمسلمين ثم بنوا بساحلها حصنا واعتمروه وشحنوه حامية وسلاحا وفرض عليهم المقرب مائة ألف دينار كل سنة وأقام على ذلك المراكيا إلى رأس المائة وبقيت الجزيرة في ملك النصارى إلى أن عادوا إلى مالقة أواخر الأربعين والسبعمائة كما نذكره وفى سنة خمس وثمانين ظفر العدو بجزيرة ميورقة ركب إليها طاغية برشلونة أساطيله في عشرين ألفا من الرجال المقاتلة ومروا بميورقة كأنهم بحر من البحار وطلبوا من أبى عمر بن حكيم ورديسا النزول للاستسقاء فأذن لهم فلما تساحلوا آذنوا أهلها بالحرب فتزاحفوا ثلاثا يثخن فيهم المسلمون في كلها قتلا وجراحة بما يناهز آلافا والطاغية في بطارقته فانحدر عن الزحف فلما كان اليوم الثالث واستولت الهزيمة على قومه زحف الطاغية في العسكر فانهزم المسلمون ولجؤوا إلى قلعتهم فانحصروا بكعابها وعقدوا لابن حكم ذمة في أهله وحاشيته فخرجوا إلى سبتة ونزل الباقون على حكم العدو وسار إلى ميورقة واستولى على ما فيها من الذخيرة والعدة والامر بيد الله وحده وفى سنة ست وثمانين بعدها غدر النصارى بمرسى الخزور فاقتحموها بعد أن ثلموا أسوارها واكتسحوا ما فيها واحتملوا أهلها أسرى وأضرموا بيوتها ثم مروا بمرسى تونس وانصرفوا إلى بلادهم وفيها أو في سنة تسع بعدها نازل أسطول العدو مدينة المهدية وكان فيها الفرسان لقتالها فزحفوا إليها ثلاثا ظفر بهم المسلمون في كلها ثم جاء مدد أهل الاجم فانهزم العدو حتى اقتحموا عليه الأسطول وانقلبوا خائبين وتمت النعمة {الخبر عن استيلاء الأمير أبى بكر زكريا على الثغر المغربي بجاية والجزائر وقسنطينة وأولية ذلك ومصايره} كان للأمير أبى بكر زكريا ابن السلطان من الترشيح للامر بهديه وشرف همته وحسن ملكته ومخالطته أهل العلم ما يشهد له بحسن حاله وهو الذي اختط المدرسة للعلم بإزاء دار الاقورى حيث كان سكناه بتونس ولما لحق بتلمسان بعد منجاته من مهلك أبيه ببجاية نزل على صهره عثمان بن يغمراسن بتلمسان وجاء في أثره أبو الحسن بن أبي بكر بن سيد الناس صنيعة أبيه وأخيه بعد أن خلص مع السلطان أبى حفص من الواقعة التي من ماجنة فلما بايع له العرب وبدت مخايل الملك رأى أبو الحسن ايثار السلطان للفازازى عليهم فنكب عنه ولحق بالأمير أبى زكريا بتلمسان واستحثه لطلب ملكه واستقرض من تجار بجاية مالا أنفقه في إقامة أبهة الملك له وجمع الرجال واصطنع
(٣٠٦)