بالأمر عزائمه وأفاض العطاء وأجاز الشعراء واستكتب أبا عبد الله ابن أبي الحسن وخاطب المستنصر بالشأن وخرج في عساكره لتمهيد النواحي وحماية الجوانب إلى أن وصل كتاب المستنصر بعزله لثلاثة أشهر من ولايته حسبما نذكره فارتحل الثورة حجبون الرنداحي لمداخلة أبى القاسم العزفى واتفق الملا على ولاية العزفى وحولوا الدعوة للمرتضى وذلك سنة سبع وأربعين وتبعهم أهل طنجة في الدعوة واستبد بها ابن الأمير وهو يوسف بن محمد بن عبد الله بن أحمد الهمداني كان واليا عليها من قبل أبى علي بن اخلاص فلما وصل الامر للعزفى والقائد حجبون الرنداحي حالفهم هو إلى الدعوة الحفصية واستبد عليهم ثم خطب للعباسي وأشرك نفسه معه في الدعاء إلى أن قتله بنو مرين غدرا كما نذكره وانتقل بنوه إلى تونس ومعهم صهرهم القاضي أبو الصنم عبد الرحمن بن يعقوب ابن خالته ساطبه انتقل هو وقومه إلى طنجة أيام الجلا فنزلوا بها وأصهر إليهم بنو الأمين وارتحلوا معهم إلى تونس وعرف دين القاضي أبو القاسم وفضله ومعرفته بالاحكام والوثائق واستعمل في خطة القضاء بالحضرة أيام السلطان وكان له فيها ذكر ولما بلغ الخبر بمهلك الأمير أبى زكريا إلى صقلية أيضا وكان المسلمون بها في مدينة بلرم قد عقد لهم السلطان مع صاحب الجزيرة على الاشتراك في البلد والضاحية فتساكنوا حتى إذا بلغهم مهلك السلطان بادر النصارى إلى العيث فيهم فلجأوا إلى الحصن والأوعار ونصبوا عليهم ثائرا من بنى عباس وحاصر طاغية صقلية من الجبل وأحاط بهم حتى استنزلهم فأجازهم البحر إلى دعوته وأنزلهم لو جاره من عمائرها ثم نفد إلى جزيرة مالطة فأخرج وألحقهم بإخوانهم واستولى الطاغية على صقلية وجزائرها ومحا منها كلمة الاسلام بكلمة كفره والله غالب على أمره {الخبر عن بيعة السلطان أبى عبد الله المستنصر وما كان في أيامه من الاحداث} لما هلك السلطان أبو زكريا بظاهر بونه سنة سبع وأربعين كما قدمناه اجتمع الناس على ابنه الأمير أبى عبد الله وأخذ له البيعة عمه محمد اللحياني على الخاصة وسائر أهل العسكر وأرتحل إلى تونس فدخل الحضرة ثالث رجب من سنته وجدد بيعته يوم وصوله وتلقب المستنصر بالله ثم جدد البيعة بعد حين واختار لوضع علامته الحمد لله والشكر لله وقام بأعباء ملكه وتقبض على خاصة أبيه الخصى كافور كان قهرمان داره فأشخصه إلى المهدية وأوعز إلى الجهات بأخذ البيعة على أهل العمالات فترادفت من كل جانب واستوزر أبا عبد الله بن أبي يهدى واستعمل على القضاء أبا زيد التوزري وكان معلم ولد عمه محمد اللحياني كما نذكره والله تعالى أعلم
(٢٨٠)