خلا انه كان يخالف بينهم ويسلط بعضهم على بعض وزحف إليه حمو بن مليل البرغواطى صاحب صفاقس فخرج تميم للقائه وانقسمت العرب عليها فانهزم حمو وأصحابه وذلك سنة خمس وسار منها إلى سوسة فافتتحها ثم بعث عساكره إلى تونس فحاصروا ابن خراسان حتى استقام على الطاعة لتميم ثم بعث عساكره أيضا إلى القيروان وكان بها قائد بن ميمون الصنهاجي من قبل المعز فأقام ثلاثا ثم غلبته عليها هواد وخرج إلى المهدية فبعث تميم إليه العساكر فلحق بالناصر وأسلم القيروان ثم رجع بعد ست إلى حمو بن مليل البرغواطى بصفاقس وابتاع له القيروان من مهنى بن علي أمير زغبة فولاه عليها وحصنها سنة سبعين وكان بين تميم والناصر صاحب القلعة أثناء ذلك فتن كان سما بها العرب يجأجؤن بالناصر من قلعته ويطؤن عساكره ببلاد إفريقية وربما ملك بعض أمصارها ثم يردونه على عقبه إلى داره إلى أن اصطلحا سنة سبعين وأصهر إليه تميم بابنته ونهض تميم سنة أربع وسبعين إلى قابس وبها ماضي بن محمد الصنهاجي وليها بعد أخيه إبراهيم فحاصرها ثم أفرج عنها ونازلته العرب سنة ست وسبعين بالمهدية ثم أفرجوا عنه وهزمهم فقصدوا القيروان ودخلوها فأخرجهم عنها وفى أيامه كان بعلها نصري جنده على المهدية سنة ثمانين نزلوها في ثلاثمائة مركب وثلاثين ألف مقاتل واستولوا عليها وعلى زويلة فبذل لهم تميم في النزول عنها مائة ألف دينار بعد أن انتهبوا جميع ما كان بها فاستخلصها من أيديهم ورجع إليها ثم استولى على قابس سنة تسع وثمانين من يد أخيه عمر بن المعز بايع له أهلها بعد موت قاص بن إبراهيم ثم استولى بعدها على صفاقس سنة ثلاث وتسعين وخرج منها حمو بن مليل إلى قابس فأجاره لكي ابن كامل الدهماني إلى أن مات بها وكانت رياح قد تغلبت على رغبة وعلى إفريقية من لدن سبع وستين وأخرجوه منها وفى هذه المائة الخامسة غلب الأخضر من بطون رياح على مدينة باجة وملكوها وهلك تميم اثر ذلك سنة احدى وخمسمائة * (دولة يحيى بن تميم) * ولما هلك تميم بن المعز ولى ابنه يحيى وافتتح أمره بافتتاح امكيسة وغلب عليها ابن محفوظ الثائر بها وثار أهل صفاقس على ابنه أبى الفتوح فلطف الحيلة في تفريق كلمتهم وراجع طاعة العبيديين ووصلته المخاطبات والهدايا وكان قد صرف همه إلى غزو النصارى والأساطيل البحرية فاستكثر منها واستبلغ في اقتنائها وردد البعوث إلى دار الحرب فيها حتى لقبته أمم النصرانية بالجري من وراء البحر من بلاد إفريقية وجنوة وسردانية وكان له في ذلك آثار ظاهرة عزيزة وهلك فجأة في قصره سنة تسع وخمسمائة والله أعلم
(١٦٠)