عمره من الدعار والاوغاد بمعاقرة الخمر والمجاراة في فنون الشباب لسير أمره والاستعلاء على نظائره حتى تطارحوا في هوة الهلاك بين فتيل ومغرب ونحيب العمران لم يعطفه عليه عواطف الرحم ولا زجره وازع التقوى والسلطان حتى خلا له الجو واستوسق الامر واستقل من أمر البلد والحل والعقد بأوفى من استبداد أبيه وكان مهلكه قريبا من استبداده لخمس سنين متلقيا الكرة من يده أخوه محمد تربه في الرياسة ومجاريه في مضمارها فأجرى إلى الغاية واقتعد كرسي الرياسة وعفى على آثار المشيخة واستظهر على أمره بمصانعة امراء البدو وأولاد أبى الليل والمتات إليهم بصهر كان عقده أبوه أحمد لابي الليل جدهم على أخته أو عمته فكانوا ردأ له من الدولة فنفذ صيته وعظم استيلاؤه وامتدت أيامه وعنى الملوك بخطابه واسناد الأمور في تلك البلاد إليه خلال ما توعد الكرة وتهب ريح الدولة وزحف إليه القائد محمد بن الحكيم وتقبل طاعته من عذره استنامة لما ابتلاه من خلوصه وأقام على ذلك إلى أن هلك لعام أربع وأربعين من المائة الثامنة وتصدى ولده عبد الله للقيام بالأمر فوثب عليه عمه أبو زيد بن أحمد فقتله على جدث أبيه فلم يوارثه بعد أن كان الرضا به والتسليم فثارت به العامة لحينه وكان مصرا على سفك الدماء واستباحة الحرم واغتصاب الأموال حتى كان ينسب إلى الجنون مرة والى الكفر أخرى فمرج أمرهم واستولى الضجر على نفوسهم وكان أخوه أبو بكر معتقلا بالحضرة فراسله أهل توزر سرا وأطلقه السلطان من محبسه بعد أن أخذت عليه المواثيق بالطاعة والوفاء بالجباية فصمد إليها بمن في لفه من الاعراب وحشد نفزاوة والمجاورين لها في القرى الظاهرة المقدرة السير وأجلب عليهم ثم بيتها فاقتحمها وبادر الناس إلى القبض على يملول أخيه وأمكنوه منه فاعتقله بداره وتبرأ من دمه وأصبح لثالثة اعتقاله ميتا بمحبسه وكانت قفصة من قبل ذلك لما صار امر الجريد إلى الشورى قد استبد بها يحيى بن محمد بن علي بن عبد الجليل بن العابد من بيوتها ونسبهم بزعمهم في بلى ولهم حلف بزعمهم في الشريد من بطون سليم والله أعلم بأولية نزولهم بقفصة حتى التحموا بأهلها وانتظموا أمر بيوتاتها وكانت البيوت بها بيت بنى أبى حفص لعهد الأمير أبى زكريا الأعلى كان يستعمله على جباية أموال الجريد ثم سعى به أنه أصاب منها فنكبه وصودر على آلاف من المال فأعطاها وأقامت رياستهم متفرقة في هذه البيوتات ولما حدثت العصبية بالبلد أيام صار امر الجريد إلى الشورى كان بنو العابد هؤلاء أقوى عصبية من سائرهم واستبد بها كبيرهم يحيى بن علي فلما فرغ السلطان من شغله بزناتة وخيم السلطان أبو الحسن على تلمسان فحاصرها وأقبل السلطان على النظر في تمهيد ملكه واصلاح ثغوره وافتتح أمره بغزو قفصة ونهض إليها
(٤١٤)