وتسعين فغلبه عليها ولحق حمو لمكن بن كامل أمير قابس فأجاره وصارت صفاقس إلى ملكة تميم ووليها ابنه ولما تغلب النصارى على المهدية وملكها جرجي بن ميخاييل قائد رجار سنة ثلاث وأربعين فغلبوا بعدها على صفاقس وأنفوا أهلها واستعملوا عمر بن أبي الحسن القرباني لمكانه فيهم وحملوا أباه أبا الحسن معهم إلى صقلية رهنا وكان ذلك مذهب رجار ودينه فيما ملك من سواحل إفريقية يبقيهم ويستعمل عليهم منهم ويذهب إلى العدل فيهم فبقي عمر بن أبي الحسن عاملا لهم في أهل بلده وأبوه عندهم ثم إن النصارى الساكنين بصفاقس امتدت أيديهم إلى المسلمين ولحقوا بالضرر وبلغ الخبر أبا الحسن وهو بمكانه من صقلية فكتب إلى ابنه عمر وأمره بانتهاز الفرصة فيهم والاستسلام إلى الله في حق المسلمين فثار بهم عمر لوقته سنة احدى وخمسين وقتلهم وقتل النصارى أباه أبا الحسن وانتقضت عليهم بسبب ذلك سائر السواحل ولما افتتح عبد المؤمن المهدية من يد رجار وصل إليه عمر وأدى طاعته فولاه صفاقس ولم يزل واليا عليها وابنه عبد الرحمن من بعده إلى أن تغلب يحيى بن غانية فرغبه في الحج فسرحه ولم بعد {الخبر عما كان بإفريقية من الثوار عن صنهاجة عند اضطرابها بفتنة العرب إلى أن محا أثرهم الموحدون} لما كان أبو رجاء اللخمي عند اضطرام نار الفتنة بالعرب وتقويض المعز عن القيروان إلى المهدية وتغلبهم عليها قد ضم إليه جماعة من الدعار وكان ساكنا بقلعة قرسبنة من جبل شعيب فكان يضرب على النواحي بجهة بنزرت فريقان أحدهما من لخم وهو قوم الورد وبقوا فوضى واختلف أمرهم فبعثوا إلى الورد في أن يقوم بأمرهم فوصل إلى بلدهم فاجتمعوا عليه وأدخلوه حصن بنزرت وقدموه على أنفسهم فحاطهم من العرب ودفع عن نواحيهم وكان بنو مقدم من الأثبج ودهمان من بنى احدى بطون رياح هم المتغلبون على ضاحيتهم فهادنهم على الإتاوة وكف بها عاديتهم واستفحل أمرهم وسمى بالأمير وشيد المصانع والمباني وكثر عمران سدون إلى أن هلك فقام بأمره ابنه طراد وكان شهما وكانت العرب تهابه وهلك فولى من بعده ابنه محمد بن طراد وقتله أخوه مقرن لشهر من ولايته في مسامرة وقام بأمر بنزرت وسمى بالأمير وحمى حوزته من العرب واصطنع الرجال وعظم سلطانه وقصده الشعراء وامتدحوه فوصلهم وهلك فولى من بعده ابنه عبد العزيز عشر سنين وجرى فيها على سنن أبيه وجده ثم ولى من بعده أخوه موسى على سننهم أربع سنين ثم من بعده أخوهما عيسى واقتفى أثرهم ولما نازل عبد الله بن عبد المؤمن تونس وأفرج عنه مر به في طريقه فاستفرغ جهده في قراه وتجمع بطاعته وطلب منه الحافظ بلده فأسعفه وولى
(١٦٩)