الموحدين وكان يناهض بنى تافراكين بزعمه في الشرف وينفس عليهم ما آتاهم الله من الرتبة والحظ فلما ولى أبو محمد الحجابة ملئ منه حسدا وحقدا وداخل فيما زعموا سحيما هذا القرى في النيل من أبى العباس بن تافراكين صاحب العساكر وشارطه على ذلك بما أداه إليه وتكاتموا أمرهم وخرج أبو العباس بن تافراكين فاتح سنة سبع في العساكر لجباية هوارة فوفد عليه سحيم هذا وقومه وضايقوه في الطلب ثم انتهزوا الفرصة بعض الأيام وأجلبوا عليه فانفض معسكره وكبا به فرسه فقتل وحمل شلوه إلى الحضرة فدفن بها وجاهر سحيم بالخلاف وخرج إلى الرمال فلم يزل كذلك إلى مهلك السلطان كما نذكر ذلك أن شاء الله تعالى {الخبر عن مهلك الأمير أبى زكريا صاحب بجاية من الانباء وما كان بعد ذلك من ثورة أهل بجاية بأخيه الأمير أبى حفص وولاية ابنه الأمير أبى عبد الله} كان السلطان أبو بكر لما هلك الحاجب بن عمر عقد على بجاية لابنه الأمير أبى زكريا كبير ولده وأنفذه إليها مع حاجبه محمد بن القالون كما ذكرناه وجعل أموره تحت نظره ثم رجع القالون إلى تونس فأنزل معه ابن سيد الناس فلما استبد سيد الناس بحجابة الحضرة جعل على حجابته أبا عبد الله بن فرحون ثم لما تقبض على ابن سيد الناس وعلى ابن فرحون وقد استبد الأمير أبو زكريا بأمره وقام على نفسه فوض إليه السلطان الامر في بجاية وبعث إليه ظافرا السنان مولى أبيه الأمير أبى زكريا الأوسط قائدا على عسكره والكاتب أبا إسحاق بن علاق متصرفا في حجابته فأقاما ببابه مدة ثم صرفهما إلى الحضرة وقدم لحجابته أبا العباس أحمد بن أبي زكريا الرندي كان أبوه من العل وكان ينتحل مذهب الصوفية العلات ويطالع كتب عبد الحق بن سبعين ونشأ أحمد هذا ببجاية واتصل بخدمة السلطان وترقى في الرتب إلى أن استعمله الأمير أبو زكريا كما قلناه ثم هلك وقد أنف السلطان أبو بكر من الأمراء هؤلاء على حجابة ابنه فأنفذ لها من حضرته كبير الموحدين يومئذ وصاحب السفارة أبا محمد ابن تافراكين سنى أربعين وسبعمائة فأقام أحوال ملكه وعظم أبهة سلطانه وجهز العساكر لسفره وأخرجه إلى أعماله فطاف عليها وتفقدها وانتهى إلى تخومها من المسيلة ومقرة ولم يستكمل الحول حتى سخطه المشيخة من أهل بجاية لما نكروا من الأبهة والحجاب حتى استغلظ عليهم باب السلطان وتولى كبر ذلك القاضي ابن يوسف تعسا وملالا واستعفى هو من ذلك فأعفي وعاد إلى مكانه بالحضرة ثم استقدم الأمير أبو زكريا حاجبه الأول بعهد ابن سيد الناس وهو أبو عبد الله محمد بن فرحون وقد كان
(٣٥٣)