إليه سرحه في العساكر لحصار جربة وكان أهلها قد نقموا على ابن مكي سيرته فيهم ودسوا إلى أبي محمد بن تافراكين بذلك فسرح إليه ابنه في العساكر سنة ثلاث وستين وكان أحمد بن مكي غائبا بطرابلس قد نزلها منذ ملكها من أيدي النصارى وجعلها دارا لامارته فنهض العسكر من الحضرة لنظر أبى عبد الله بن الحاجب أبى محمد ونزلوا في الأسطول فطلعوا بالجزيرة وضايقوا القشتيل بالحصار إلى أن غلبوا عليه وملكوه وأقاموا به دعوة صاحب الحضرة واستعمل عليه أبو عبد الله ابن تافراكين كاتبه محمد بن أبي القاسم بن أبي العيون كان من صنائع الدولة منذ العهد الأول وكانت لأبيه قرابة من أبى عبد العزيز الحاجب ترقى بها إلى ولاية الاشغال بتونس مناهضا لابي القاسم بن طاهر الذي كان يتولاها يومئذ فكان رديفه عليها إلى أن هلك ابن طاهر فاستبد هو بها منذ أيام الحاجب أبى محمد واتصل ابنه محمد هذا بخدمة ابن الحاجب واختص بكاتبه إلى أن استعمله على جربة عند استيلائه عليها هذه السنة وانكفأ راجعا إلى الحضرة فلم يزل محمد بن أبي العيون واليا عليها ثم استبد بها على السلطان بعد مهلك الحاجب وقرار يده على السلطان إلى أن غلبه عليها السلطان أبو العباس سنة أربع وسبعين كما نذكره ان شاء الله * (الخبر عن دعوة الأمراء من المغرب واستيلاء السلطان أبى العباس على قسنطينة) * لما هلك السلطان أبو عنان قام بأمره من بعده وزيره الحسن بن عمر ونصب ابنه محمد السعيد للامر كما نذكره في أخباره وكان يضطغن للأمير أبى عبد الله صاحب بجاية فقبض عليه لأول أمره واعتقله حذرا من وثوبه على عمله فيما زعموا وكان السلطان أبو العباس بسبتة منذ أنزله السلطان أبو عنان بها ورتب عليه الحرس كما ذكرنا فلما انتزى على الملك المنصور بن سليمان من أعياص ملكهم ونازل البلد الجديد دار الملك ودخل في طاعته سائر الممالك والاعمال بعث في السلطان أبى العباس واستدعاه من سبتة فنهض إليه وانتهى في طريقه إلى طنجة ووافق في ذلك إجازة السلطان أبى سالم من الأندلس لطلب ملكه وكان أول ما استولى عليه من أعمال المغرب طنجة وسبتة فاتصل به السلطان أبو العباس وظاهره على أمره إلى أن نزع إليه قبيلة بنى مرين عن منصور بن سليمان المنتزى على ملكهم فاستوسق أمره واستثبت سلطانه ودخل فاس وسرح الأمير أبا عبد الله من اعتقال الحسن بن عمر كما قدمناه ورعى للسلطان أبى العباس ذمة سوابقه القديمة والحادثة فرفع مجلسه وأسنى جرايته ووعده بالمظاهرة على امره
(٣٧٥)