الامام المهدى صاحب دعوة الموحدين فقيها منتحلا للمعلم والفتيا والتدريس آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر متعرضا بذلك للمكروه في نفسه ونالته ببجاية وتلمسان وكناسة أذايات من الفسقة ومن الظالمين وأحضره الأمير علي بن يوسف للمناظرة ففلج على خصومه من الفقهاء بمجلسه ولحق بقومه هرغة من المصامدة واستدرك علي بن يوسف رأيه فتفقده وطالب هرغة بأحضاه فأبوا عليه فشرد إليهم البعث فأوقعوا به وتقاسم معهم هنتاتة وتينملل على اجارته والوفاء بما عاهدهم عليه من القيام بالحق والدعاء إليه حسبما يذكر ذلك كله بعد دولتهم وهلك المهدى في سنة أربع وعشرين وقام بأمرهم عبد المؤمن بن علي الكومي كبير أصحابه بعهده إليه وانتظمت كلمة المصامدة وأغزوا مراكش مرارا وفشل ريح لمتونة بالعدوة الأندلسية وظهر أمر الموحدين وفشت كلمتهم في برابر المغرب وهلك علي بن يوسف سنة سبع وثلاثين وقام بالأمر من بعده ولده تاشفين وولى عهده وأخذ بطاعته وبيعته أهل العدوتين كما كانوا على حين استغلظ أمر الموحدين واستفحل شانهم وألحوا في طلبه وغزا عبد المؤمن غزوته الكبرى إلى جبال المغرب ونهض تاشفين بعساكره بالبسائط إلى أن نزل تلمسان ونازله عبد المؤمن والموحدون بكهف الضحاك بين الصخرتين من جبل تيطرى المطل عليها ووصله هنا لك مدد صنهاجة من قبل يحيى بن عبد العزيز صاحب بجاية مع قائده طاهر بن كباب وشرهوا إلى مدافعة الموحدين فغلبوهم وهلك طاهر واستلحم الصنهاجيون وفرتاشفين إلى وهران في موادعة لب بن ميمون قائد البحر بأساطيله واتبعه الموحدون واقتحموا عليه البلد فهلك يقال سنة احدى وأربعين واستولى الموحدون على المغرب الأوسط واستلحموا لمتونة ثم بويع بمراكش ابنه إبراهيم وألقوه مضعفا عاجزا فخلع وبويع عمه إسحاق بن علي بن يوسف بن تاشفين وعلى هيئة ذلك وصل الموحدون إليها وقد ملكوا جميع بلاد المغرب عليه فخرج إليهم في خاصته فقتلهم الموحدون وأجاز عبد المؤمن والموحدون إلى الأندلس سنة احدى وخمسين وملكوا واستلحموا أمراء لمتونة وكافتهم وفروا في كل وجه ولحق فلهم بالجزائر الشرقية ميورقة ومن ورقة وبابسة إلى أن جددوا من بعده للملك بناحية إفريقية والله غالب على أمره {الخبر عن دولته ابن غانية من بقية المرابطين وما كان له من الملك والسلطان بناحية قابس وطرابلس واجلابه على الموحدين ومظاهرة قراقش الغزي له على أمره وأولية ذلك ومصايره} كان أمر المرابطين من أوله في كدالة من قبائل الملثمين حتى هلك يحيى بن إبراهيم
(١٨٩)