ومصارع حاميته من قومه فخروا رأسه وبعثوا به إلى الحكم المستنصر بقرطبة في وفد أوفدوه عليه من أمرائهم يؤدون الطاعة ويؤكدون البيعة ويجمعون لقومهم النصرة وكان مقدم وفدهم يحيى بن علي أخو جعفر هذا كما ذكرناه وهلك زيرى هذا سنة ستين وثلثمائة لست وعشرين سنة من ولايته ولما وصل خبره إلى ابنه بلكين وهو باشير نهض إلى زناتة ودارت بينهم حرب شديدة فانهزمت زناتة وثأر بلكين بأبيه وقومه واتصل ذلك بالسلطان محمد اثره وعقد له على عمل أبيه باشير وتيهرت وسائر أعمال المغرب وضم إليه المسيلة والزاب وسائر عمل جعفر فاستعتب واستفحل أمره واتسعت ولايته وأثخن في البربر أهل الخصوص من احرابه وهوارة ونفزة وتوغل في المغرب في طلب زناتة فأثخن فيهم ثم رجع واستقدمه السلطان لولاية إفريقية فقدم سنة احدى وستين واستبلغ السلطان في تكريمه ونفس ذلك عليه كتامة ثم نهض السلطان إلى القاهرة واستخلفه كما نذكره وكان ذلك أول دولة آل زيرى بإفريقية والله تعالى أعلم {الخبر عن دولة آل زيرى بن مناد ولاة العبيديين من هذه الطبقة بإفريقية وتصاريف أحوالهم} لما أخذ المعز في الرحلة إلى المشرق وصرف اهتمامه إلى ما يتخلف وراء ظهره من الممالك والعمالات ونظر فيمن يوليه أمر إفريقية والمغرب ممن له الغناء والاضطلاع وبه الوثوق من صدق التشييع ورسوخ القدم في دراية الدولة فعثر اختياره على بسكين بن زيرى بن مناد ولى الدولة منذ عهد أخذه ما بيده من أيدي زناتة وأموالها في سبيل الاباء على الدولة والمظاهرة للدولة * (دولة بلكين بن زيرى) * فبعث خلف بلكين بن زيرى وكان متوغلا في المغرب في حروب زناتة وولاه أمر إفريقية ما عدا أصهلية كانت لبنى أبى الحسين الكلبي وطرابلس لعبد الله بن يخلف الكتامي وسماه يوسف بدلا من بلكين وكناه أبا الفتوح ولقبه سيف الدولة ووصله بالخلع والأكسية الفاخرة وحمله على مقرباته بالمراكب وانتقله وأنفذ أمره في الجيش والمال وأطلق يده في الاعمال وأوصاه بثلاث أن لا يرفع السيف عن البربر ولا يرفع الجباية عن أهل البادية ولا يولى أحدا من أهل بيته وعهد إليه أن يفتح أمره بغزو المغرب لحسم دائه وقطع علائق الأموية منه وارتحل يريد القاهرة سنة ثنتين وستين ورجع عنه لمكين من نواحي صفاقس فنزل نصر معه بالقيروان واضطلع بالولاية وأجمع غزو المغرب
(١٥٥)