* (بسم الله الرحمن الرحيم) * وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم {الكتاب الثالث في أخبار البربر والأمة الثانية من أهل المغرب وذكر أوليتهم وأجيالهم ودولتهم منذ بدء الخليقة لهذا العهد ونقل الخلاف الواقع بين الناس في أنسابهم} هذا الجيل من الآدميين هم سكان المغرب القديم ملؤا البسائط والجبال من تلوله وأريافه وضواحيه وأمصاره يتخذون البيوت من الحجارة والطين ومن الخوص والشجر ومن الشعر والوبر ويظعن أهل العز منهم والغلبة لانتجاع المراعى فيما قرب من الرحلة لا يجاوزون فيها الريف إلى الصحراء والقفار الأملس ومكاسبهم الشاء والبقر والخيل في الغالب للركوب والنتاج وربما كانت الإبل من مكاسب أهل النجعة منهم شان العرب ومعاش المستضعفين منهم بالفلح ودواجن السائمة ومعاش المعتزين أهل الانتجاع والاظعان في نتاج الإبل وظلال الرماح وقطع السابلة ولباسهم وأكثر أثاثهم من الصوف يشتملون الصماء بالأكسية المعلمة ويفرغون عليها البرانس الكحل ورؤسهم في الغالب حاسرة وربما يتعاهدونها بالحلق ولغتهم من الرطانة الأعجمية متميزة بنوعها وهي التي اختصوا من أجلها بهذا الاسم يقال ان افريقش ابن قيس بن صيفي من ملوك التبابعة لما غزا المغرب وإفريقية وقتل الملك جرجيس وبنى المدن والأمصار وباسمه زعموا سميت إفريقية لما رأى هذا الجيل من الأعاجم وسمع رطانتهم ووعى اختلافها وتنوعها تعجب من ذلك وقال ما أكثر بربرتكم فسموا بالبربر والبربرة بلسان العرب هي اختلاط الأصوات غير المفهومة ومنه يقال بربر الأسد إذا زأر بأصوات غير مفهومة. وأما شعوب هذا الجيل وبطونهم فان علماء النسب متفقون على أنهم يجمعهم جذمان عظيمان وهما برنس وماد غيس ويلقب ماد غيس بالأبتر فلذلك يقال لشعوبه البتر ويقال لشعوب برنس البرانس وهما معا ابنا بر وبين النسابين خلاف هل هما لأب واحد فذكر ابن حزم عن أيوب بن أبي يزيد صاحب الحمار أنهما لأب واحد على ما حدته عنه يوسف الوراق وقال سالم بن سليم المطماطي وصابى بن مسرور الكومي وكهلان بن أبي لووهم نسابة البربر ان البرانس بتروهم من نسل مازيغ بن كنعان والبتر بنو بر بن قيس بن عيلان وربما نقل ذلك عن أيوب بن أبي يزيد الا ان رواية ابن حزم أصح لأنه أوثق (وأما) شعوب البرانس فعند النسابين انهم يجمعهم سبعة اجذام وهي أزداجة ومصمودة وأورية وعجيسة
(٨٩)