الصحاح للجوهري واختصاره وكان في رياسته صليب الرأي قوى الشكيمة عالي الهمة شديد المراقبة والحزم في الخدمة وله شعر نقل منه التيجاني وغيره ومن أشهره ما نقل له يخاطب عنان بن جابر عن الأمير أبى زكريا لما خالف واتبع ابن غانية وهي على روى الراء وكان قبلها أخرى على روى الدال وكان له ولد اسمه سعيد وتوفى في حياة أبيه في المراتب السلطانية ثم اغتبط دون غايته وفى ثالث مهلكه كان مهلك الشيخ أبى سعيد عثمان بن محمد الهنتاتي المعروف بالعود الرطب ويعرف أهل بيته بالمغرب ببني أبى زيد وكان منهم عبد العزيز المعروف بصاحب الاشغال كان فر من المغرب أيام السعيد بجفوة ثالثة ولحق بسجلماسة سنة احدى وأربعين وقد كان انتزى بها عبد الله الهزوجي وبايع للأمير أبى زكريا فأجازه عبد الله إلى تونس ونزل على الأمير أبى زكريا ونظمه في طبقات مشيخة الموحدين وأهل مجلسه ثم حظي عند ابنه المستنصر بعد نكبة بنى النعمان حظوة لا كفاء لها واستولى على الرأي والتدبير إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين فشيع طيب الذكر ملحقا بالرضوان من الخاصة والعامة والله مالك الأمور * (الخبر عن انتقاض أهل الجزائر وفتحها) * كان أهل الجزائر لما رأوا تقلص ظل الدولة عن زناتة وأهل المغرب الأوسط حدثوا أنفسهم بالاستبداد والقيام على أمرهم وخلع ربقة الطاعة من أعناقهم فجاهروا بالخلعان وسرح السلطان إليهم العساكر سنة تسع وستين وأوعز إلى صاحب القفر صاحبه وهو أبو هلال عياد بن سعيد الهنتاتي فقدم إليها في عساكر الموحدين سنة احدى وسبعين ونازلها مدة حول وامتنعت عليه فأقلع عنها ورجع إلى بجاية وهلك بمعسكر ببني ورا سنة ثلاث وسبعين ثم إن السلطان صرف عزمه إلى منازلتهم سنة أربع وسبعين وسرح إليهم العساكر في البر وأنفذ الأساطيل في البحر وعقل على عسكر تونس لابي الحسن بن ياسين وأوعز إلى عامل بجاية بإنفاذ عسكر آخر فأنفذه لنظر أبى العباس بن أبي الاعلام ونهضت هذه العساكر برا وبحرا إلى أن نازلتها وأحاطت بها من كل جانب واشتد حصارها ثم افتتحها عنوة وأثخن فيهم القتل وانتهبت المنازل وافتضح الكرائم في أبكارهن وتقبض على مشيخة البلد فنقلوا إلى تونس مصفدين واعتقلوا بالقصبة إلى أن سرحهم الواثق بعد مهلك السلطان والله تعالى أعلم كان السلطان بعد فتح الجزائر قد خرج من تونس للصيد وتفقد العمالات فأصابه في سفره مرض ورجع إلى داره واشتدت علته وكثر الارجاف بموته وخرج يوم الأضحى سنة خمس وخمسين يتهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض وجلس للناس
(٢٩٥)