البلد وبرز ابن القالون من فسطاطه وقد كر فتقدم إليه الموالى الذين جاؤوا معه وتناولوه طعنا بالخناجر إلى أن هلك والله وارث الأرض ومن عليها * (الخبر عن ولاية الفضل على بونة) * كان السلطان عقد على بونة منذ أول دولته لمولاه مسرور المعلوجي فقام بأمرها فاضطلع بولايتها وكان من القبضة ومراسي الحروب بمكان وكان مع ذلك غشوما جبارا وخرج إلى ولهاصة سنة فاضطرهم ونهضوا إلى مدافعته عن أموالهم فحاربهم وبلغ خبر مهلكه إلى السلطان فعقد على بونة لابنه أبى العباس الفضل وبعثه إليها وولى على حجابته وقيادة عسكره ظافر السنان من مواليه المعلوجين فقام بما دفع إليه من ذلك أحسن قيام إلى أن كان من أمرهم ما نذكره * (الخبر عن واقعة الرياس وما كان قبلها من مقتل الأمير أبى فارس أخي السلطان) * كان السلطان أبو بكر لما قدم إلى تونس قدم معه اخوته الثلاثة محمد وعبد العزيز وعبد الرحمن وهلك عبد الرحمن منهم وبقي الآخران وكانا في ظل ظليل من النعمة وحظ كبير من المساهمة في الجاه وكان في نفس الأمير أبى فارس تشوف إلى نيل الرتبة وتربص بالدولة وكان عبد الحق بن عثمان بن محمد بن عبد الحق من فحول بنى مرين وأعياص ملكهم قدم على الحضرة نازعا إليها من الأندلس فنزل على ابن عمر ببجاية قبيل مهلكه سنة ثمان عشرة ثم لحق بالسلطان فلقاه مبرة ورحبا ووفر حظه وحظ حاشيته من الجرايات والاقطاع وجعل له أن يستركب ويستلحق وكان يستظهر به في مواقف حروبه ويتجمل في المشاهد بحركاته بما كان سيدا في قومه وكان قد انعقدت له بيعة على أهل وطنه وكانت فيه غلظة وأنفة واباء وغدا في بعض أيامه على الحاجب بن سيد الناس فتلقاه الاذن بالعذر فذهب مغاضبا ومر بدار الأمير أبى فارس فحمله على ذات صدره من الخروج والثورة وخرجا من يومهما في ربيع سنة سبع وعشرين ومرا ببعض أحياء العرب فاعترضهما أمير الحي فعرض عليهما النزول فأما عبد الحق فأبى وذهب لوجهه إلى أن لحق بتلمسان وأما الأمير أبو فارس فأجاب ونزل وطيروا بالخبر إلى السلطان فسرح لوقته محمد بن الحكيم من صنائعه وقواد دولته في طائفة من العسكر والنصارى فصبحوه في الحي وأحاطوا ببيت نزله باليد ودافع عن نفسه مستميتا فقتلوه قعصا بالرماح وجاؤا بشلوه إلى الحضرة فدفن بها ونزل عبد الحق بن عثمان على أبي تاشفين حين نزل ورغبه فيما كان بسبيله من مطالبة الدولة الحفصية وتدويخ ممالكها ووفد على أثره حمزة بن عمر ورجالات سليم صريخا على عادتهم فأجاب أبو تاشفين صريخهم ونصب لهم محمد بن عمران وكان من خبره أنه تركه السلطان اللحياني عاملا على طرابلس فلما
(٣٣٩)