على مليل كما في ذكره سنة خمس وسبعمائة وجمع منصور بن مزنى للمرابطين وبعث عسكره يقوده ابنه علي بن منصور مع علي بن أحمد شيخ الزواودة وعلى المرابط أبو يحيى بن إدريس شيخ أولاد عساكر وعطية بن سليمان بن سباع وحسن بن سالمة شيخ أولاد طلحة فهزموا عسكر ابن مزنى وقتلوا ابنه عليا وتقبضوا على علي بن أحمد ثم منوا عليه وأطلقوه ورجعوا إلى بسكرة فنازلوها وقطعوا نخيلها ثم عاودوه ثانية وثالثة ولم يزل بينه وبين هؤلاء المرابطين فتن سائر أيامه وكان الحاجب ابن عمر قد استخلصه لنفسه وأحله محل الثقة بحلته واستقامه إلى صنائعه ولما نهض السلطان أبو البقاء إلى تونس صاحبه الحاجب في جملته حتى إذا أعمل المكيدة في الانصراف على السلطان شاركه في تدبيرها إلى أن تمت كما قدمناه ورجع الحاجب إلى قسنطينة ورده إلى مكان عمله من الزاب وكان يتردد إليه ببجاية للزيارة والمطالعة في أعماله إلى أن غدر به العرب في بعض طرقه إليها وتقبض من امراء الزواودة على أحمد بن عمر بن محمد بن مسعود وسليمان بن علي بن سباع بن يحيى بن مسعود على حين اجتد بالامارة من يد عثمان بن سباع بن سيل بن موسى بن محمد واقتسما رياسة الزواودة قومهما فاستمسكنا من هذا العامل منصور بن فضل في مرجعه من عمله بلاد سدويكش وأوثقوه اعتقالا وهموا بقتله فافتدى منهم بخمسة قناطير من الذهب وصرفوا في وجوه رياستهم ألفا منها وقبض منصور بن فضل عنانه عن السفر بعدها وولى في الأحايين بعد أخذ الرهن من العرب إلى أن كانت حركة مولانا السلطان أبى يحيى إلى تونس سنة سبع عشرة أول حركاته إليها وطالب صاحبه يعقوب ابن عمر وهو بثغر بجاية بالأموال للنفقات والأعطيات فبعث إليه بمنصور بن فضل وأشار بعقده له على حجابته ليقوم بامره ويكفيه مهمات شؤونه واعتدها منصور على ابن عمر فساء ظنه وتنكر له ابن عمر وحالت صبغة وده وانكفأ السلطان من حركته تلك مخفف السعي بعد أن نزل ظاهر تونس بعساكره كما قدمناه ولما احتل بقسنطينة بدت له من يعقوب بن عمر صاحب الثغر مخايل الامتناع فأقصر عن اللحاق به وترددت بينهما الرسل وبعث ابن عمر في منصور بن فضل ونذر منه بالشر فأجاب داعيه وصحب قائد السلطان يومئذ محمد بن أبي الحسن بن سيد الناس إليه حتى إذا كان ببعض الطريق عدل إلى بلده وهم به القائد فأجاره أولياؤه من العرب عثمان بن الناصر شيخ أولاد حرب ويعقوب بن إدريس شيخ أولاد خنفر ومن معهم من ذويهم ولحق ببسكرة وبلغ الخبر إلى ابن عمر فقرع سن الندم عليه وشايع منصور بن مزنى عدوهم صاحب تلمسان أبا تاشفين ودخل في دعوته وأوفد ابنه يوسف عليه بالطاعة والهدية وملك السلطان خلال ذلك تونس وسائر بلاد إفريقية وهلك ابن عمر سنة تسع عشرة ولم يزل منصور بن مزنى
(٤٠٨)