ببجاية وأراح ينتظر أمر السلطان وكان أبو يحيى زكريا بن أحمد بن محمد بن اللحياني ابن أبي محمد عبد الواحد ابن الشيخ أبى حفص قد بويع بطرابلس لما قفل من المشرق ورأى اضطراب الأحوال ووفد عليه هنا لك الحاجب أبو عبد الرحمن بن عمر بهدية من السلطان أبى بكر وانه يمده ويظاهره على شأنه فأحكم ذلك من عقدتي وشد من أمره وتوافت إليه رجالات الكعوب أولاد أبى اليل ومعهم شيخ دولته أبو عبد الله محمد بن محمد المزدوري فأغذوا السير إلى الحضرة وبعث السلطان إلى مولاه ظافر بمكانه من باجة مستجيشا به فاعترضوه قبل وصوله وأوقعوا به واعتقلوا ظافرا وصبحوا تونس ثامن جمادى سنة احدى عشرة ووقفوا بساحتها فكانت هيعة بالبلد قتل فيها شيخ الدولة أبو زكريا الحفصي وغدا القاضي أبو إسحاق بن عبد الرفيع على السلطان وكان متبوعا صارما قوى الشكيمة فأغراه بمدافعة العدو فخام عن لقائه واعتذر بالمرض واشهد بالانخلاع عن الامر وحل البيعة ودخل أبو عبد الله المزدوري القصر فاستمكن من اعتقاله ثم جاء السلطان أبو يحيى اللحياني على أثره بلا تأخر فبويع البيعة العامة بظاهرها ودخل إلى البلد واستولى عليها وولى على حجابته كاتبه أبا زكريا يحيى ابن علي بن يعقوب على الاشغال بالحضرة بحضرة ابن عمه محمد بن يعقوب وبنو يعقوب هؤلاء أهل بيت بشاطبة من بيوت العلم والقضاء وقدموا إلى الحضرة امام بجاية وكان منهم أبو القاسم عبد الرحمن بن يعقوب وفد مع ابن الأمين صاحب طنجة كما قدمناه وتصرف في القضاء بإفريقية وولاه السلطان المنتصر قضاء الحضرة وسافر عنه إلى ملوك مصر وكان بنو على هؤلاء عبد الواحد ويحيى ومحمد من أقاربه فكان لهم ظهور في دولة السلطان أبى حفص وبعدها وكان عبد الواحد منهم صاحب جباية الجريد وهلك بنو زر سنة ثنتين وسبعمائة وكان السلطان أبو يحيى بن اللحياني قد استكتب أخاه أبا زكريا يحيى أيام رياسته على الموحدين فحظي عنده واختصه ولازمه وحج معه فلما ولى الخلافة أحظاه وولاه حجابته ولما استقر بتونس واستوسق له الامر أعاد الحاجب أبا عبد الرحمن بن عمر إلى مرسله السلطان ابن بكر بعد أن وثق معه العهد إلى أبي يحيى على المعاهدة وضمن له ابن عمر فأقام عنده مكرما متسع الجراية والاسهام إلى أن كان من الامر ما نذكره ان شاء الله تعالى والله أعلم * (الخبر عن قدوم ابن عمر على السلطان ببجاية ونكبة ابن ثابت وظافر الكبير) * لما قدم ابن عمر على بجاية استبد بمحاربته وكفالته كما كان وليوم وصوله من عبد الله ابن هلال كاتبه ابن مخلوف ولحق بتلمسان وشمر ابن عمر عزائمه للاطلاع بأمره ودفع حسن بن إبراهيم بن ثابت عن الرتبة فلم يتزحزح يوما وخرج لجباية الوطن ثم أغرى به
(٣٢٥)