وثغوره سرح ابنه الأمير أبا بكر في العساكر إلى جربة ومعه خالصة الدولة محمد بن علي ابن إبراهيم من ولد أبى هلال شيخ الموحدين وصاحب بجاية لعهد المستنصر وقد تقدم ذكره وأمده في الأسطول في البحر لحصارها ونزل الأمير بعسكره على مجازها ووصل الأسطول إلى حراسها فأطاف بحصن القشتيل وقد لاذ ابن أبي العيون بجدرانه وافترق عنه شيوخ الجزيرة من البربر وانحاش معه بطانته من الجند المستخدمين معه بها ولما رأوا ما لا طاقة لهم به وان عساكر السلطان قد أحاطت بهم برا وبحرا نزلوا إلى الأسطول واستولوا على داره وولوا على الجزيرة وارتحلوا قافلين إلى السلطان ووصل محمد بن أبي العيون إلى الحضرة ونزل بالديوان فأركب القصبة على جمل وطيف به على أسواق البلد إظهار العقوبة الله النازلة به وأحضره السلطان فوبخه على مرتكبه في العناد ومداخلته أهل الغواية من امراء الجريد في الانحراف عنه ثم تجافى عن دمه وأودعه السجن إلى أن هلك سنة تسع وسبعين * (الخبر عن استقلال الأمراء من الأبناء بولاية الثغور الغربية) * كان السلطان عندما استجمع الرحلة إلى إفريقية باستحثاث أهلها لذلك ووفادة منصور ابن حمزة شيخ الكعوب مرغبا فيها أهمه لذلك شأن الثغور الغربية وأحال اختياره في بنيه بسبر أحوالهم ويعيش على الاكفاء لهذه الثغور منهم فوقع نظره أولا على كبير ولده المخصوص بعناية الله في القاء محبته عليه الأمير أبى عبد الله فعقد له على بجاية وأعمالها وأنزله بقصور الملك منها وأطلق يده في مال الجباية وديوان الجند واستعمل على قسنطينة وضواحيها مولاه القائد بشير سيف دولته وعنان حربه وناشئ قصده وتلاد مرباه وكانت لهذا الرجل نخوة من الصرامة والبأس ودالة بالقديم والحادث وخلال لقيها أيام التغلب في أواوين الملك وكان ملازما ركاب مولاه في مطراح اعتزامه وأيام تمحيصه وربما لقى عند الورود على قسنطينة من المحنة والاعتقال الطويل ما أعاضه الله عنه بجميل السرور وعود العز والملك إلى مولاه على أحسن الأحوال فظفر من ذلك بالبغية وحصل من الرتبة على الأمنية وكان السلطان يثق بنظره في العسكر ويبعثه في مقدمة الحروب وكان عند استيلائه على بجاية وصرف العناية إليها ولاه أمر قسنطينة وأنزله بها وأنزل معه ابنه الأمير أبا إسحاق وجعل إليه كفالته لصغره ثم استنفره بالعساكر عند النهوض إلى إفريقية فنهض في جملته وشهد معه الفتح ثم رجعه إلى عمله بقسنطينة بمزيد التفويض والاستقلال فلم يزل قائما بما دفع إليه من ذلك إلى أن هلك وكان السلطان قد أوفد ابنه أبا إسحاق على ملك بن مقرب والسلطان عبد العزيز عندما استولى على تلمسان مهنئا بالظفر ملقحا غراس
(٣٨٦)