أقواته وعدده وسرح أبو حمو عساكرا آخر لحصار بجاية عقد عليه لمسعود بن عمر بن عامر بن إبراهيم بن يغمراسن فنازلوها سنة خمس عشرة واتصل بهم خروج محمد بن يوسف بن يغمراسن وبنو توجين معه على أبي حمو وانهم أوقعوا به وهزموه واستولوا على معسكره فأجفل مسعود بن أبي عامر وعسكره وأفرجوا عن بجاية ووصل على أثرها خطاب محمد بن يوسف بالطاعة والانحياش فبعث السلطان إليه صنيعته محمد ابن الحاج فضل بالهدية والآلة ووعده بالمظاهرة وتسويغ السهام التي كانت ليغمراسن بإفريقية وشغل ابن عبد الواد عن بجاية وخرج السلطان في عساكره للاشراف على وطنه إلى أن كان ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن استبداد ابن عمر ببجاية) * لم يزل ابن عمر مستبدا على السلطان في حجابته يرى أن زمامه بيده وأمره متوقف على إنفاذه وصار يغريه ببطانته فيقتلهم ويغرمهم وربما كان السلطان يأنف من استبداده عليه وداخله بعض أهل قسنطينة سنة ثلاث عشرة لما أهمهم من حصارها واتصلت حاله معه على ذلك النحو من الاستبداد إلى أن بلغ السلطان الشوة وأرهف حده وسطا محمد بن فضل فقتلهم في خلوة مع قربه من غير مؤامرة الحاجب وباكر ابن عمر مقعده بباب دار السلطان فوجد شلوه ملقى في الطريق مدرجا في ثيابه وأخبر أن السلطان سطا به فداخله الريب من استبداد السلطان وارهاف حده وخشى بوادره وتوقع سعاية البطانة وأهل الخلوة فتحيل في بعده عنه واستبداده بالثغر دونه فأغراهم بطلب إفريقية من يد ابن اللحياني وجهزهم بما يصلح من الآلة والفساطيط والعساكر والخدام ورتب له المراتب وارتحل السلطان إلى قسنطينة سنة خمس عشرة ثم تقدم غازيا إلى بلاد هوارة وأجفل عنها ظافرا بهم وكان قائدها من مواليهم فاستوفى جباية هوارة وقفل إلى قسنطينة سنة ست عشرة واستبد ابن عمر ببجاية ومدافعة العدو من زناتة عنها واستخلف على حجابة السلطان محمد بن قانون قرة عينه بما كان يؤمل من استبداده إلى أن كان من أمره ما نذكره ان شاء الله تعالى * (الخبر عن سفر السلطان أبى يحيى اللحياني إلى قابس وتجافيه عن الخلافة) * كان هذا السلطان أبو يحيى اللحياني قد طعن في السن وكان بصيرا بالسياسة مجربا للأمور وكان يرى من نفسه العجز عن الخلافة واستحقاقها مع أبناء الامير أبى زكريا الأكبر وعلم مع ذلك استفحال صاحب الثغور الغريبة الأمير أبى زكريا واستغلاظ أمره بمن انتظم في ملكه وارتسم في ديوان جنده من أعياص زناتة وفحول شولهم من توجين مغراوة وبنى عبد الواد وبنى مرين كانوا
(٣٢٧)