فغزاه في جموع صنهاجة وتخلف كتابه وارتحل إلى المغرب وفر امامه ابن خزر صاحب المغرب الأوسط إلى سجلماسة وبلغه خلاف أهل تاهرت واخراج عامله فرحل إليها وخربها ثم بلغه أن زناتة اجتمعوا إلى تلمسان فرحل إليهم فهربوا أمامه ونزل على تلمسان فحاصرها حتى نزل أهلها على حكمه ونقلهم إلى أشير وبلغه كتاب معد ينهاه عن التوغل في المغرب فرجع ولما كان سنة سبعين وستين رغب بلكين من الخليفة نزار بن المعز أن يضيف إليه عمل طرابلس وسرت واجد إليه فأجابه إلى ذلك وعقد له عليها ورحل عنها عبد الله بن يخلف الكتامي وولى بلكين عليه من قبله ثم ارتحل بلكين إلى المغرب وفرت أمامه زناتة فملك فاس وسجلماسة وأرض الهبط وطرد منها عمال بنى أمية ثم غزا جموع زناتة بسجلماسة وأوقع بهم وتقبض على ابن خزر أمير مغراوة فقتله وجعل ملوكهم أمامه مثل بنى يعلى بن محمد النفزي وبنى عطية بن عبد الله ابن خزر وبنى فلفول بن خزر ويحيى بن علي بن حمدون صاحب البصرة وبرزوا جميعا بقياطينهم إلى سبتة وبعثوا الصريخ إلى المنصور بن أبي عامر فخرج بعساكره إلى الجزيرة الخضراء وأمرهم بمن كان في حضرته من ملوك زناتة ورؤسائهم النازعين إلى خلفاء الأموية بالأندلس بقرطبة بالمقام في سبيل الطاعة واغتنام فضل الرباط بثغور المسلمين في إيالة الخلفاء واجتمعت منهم وراء البحر أمم مع ما انضم إليهم من العساكر والحشود وأجازهم البحر لقصر جعفر بن علي بن حمدون صاحب المسيلة وعقد له على حرب بلكين وأمده بمائة حمل من المال فتعاقد ملوك زناتة واجتمعوا إليه وضربوا مصاف القتال بظاهر سبتة وهرع إليهم المدد من الجزيرة من عساكر المنصور وكادوا يخوضون البحر من فرائض الزقاق إلى مظاهرة أوليائهم من زناتة ووصل بلكين إلى تيطاوير وتسنم هضابها وقطع شعوبها لنهج المسالك والطرق بعسكره حتى أطل على معسكرهم بظاهر سبتة فرأى ما هاله واستيقن امتناعهم ويقال انه لما عاين سبتة من سنسرمة ورأى اتصال المدد من العدوة إلى معسكرهم بها قال هذه أفعى فغرت الينا فاها وكر راجعا على عقبه وكان موقفه ذلك أقصى اثره ورجع إلى البصرة فهدمها وكانت دار تلك بن الأندلس وبها عمارة عظيمة ثم انفتح له باب في جهاد برغواطة فارتحل إليهم وشغل بجهادهم وقتل ملكهم عيسى بن أبي الأنصار كما نذكره وأرسل بالسبي إلى القيروان وأذهب دعوة بنى أمية من نواحي المغرب وزناتة مشردون بالصحراء إلى أن هلك سنة ثلاث وسبعين بواركش ما بين سجلماسة وتلمسان منصرفا من هذه الغارة الطويلة * (دولة منصور بن بلكين) *
(١٥٦)